للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك وابن أبي ليلى: أكثره خمسة وسبعون، هكذا حكى ذلك صاحب البحر (١)، والذي حكاه النووي (٢) عن مالك وأصحابه، وأبي ثور (٣)، وأبي يوسف (٤)، ومحمد (٤)، أنه إلى رأي الإمام بالغًا ما بلغ. وقال الرافعي (٥): الأظهر أنها تجوز الزيادة على العشرة، وإنما المراعى النقصان عن الحد.

قال (٥): وأما الحديث المذكور فمنسوخ على ما ذكره بعضهم واحتج بعمل الصحابة بخلافه من غير إنكار. انتهى.

وقال البيهقي (٦): عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي ، ثم ذكر حديث أبي بردة المذكور في الباب (٧).

قال الحافظ (٨): فتبين بما نقله البيهقي عن الصحابة أن لا اتفاق على عمل في ذلك، فكيف يُدَّعَى نسخ الحديث الثابت، ويُصارُ إلى ما يخالفه من غير برهانٍ؟ وسبق إلى دعوى عمل الصحابة بخلافه الأصيليُّ وجماعة. وعمدتهم كون عمر جلد في الخمر ثمانين، وأن الحد الأصْلِيَّ أربعون، والباقية ضربها تعزيرًا، لكن حديث عليّ السابق يدل على أن عمر إنما ضرب ثمانين معتقدًا أنه الحد، وأما النسخ فلا يثبت إلا بدليل.

وذكر بعضُ المتأخرين أن الحديث محمول على التأديب الصادر من غير الولاةِ كالسيد يضربُ عبدَهُ، والزوجُ يضربُ زوجته، والأب ولده.

والحقُّ العمل بما دلّ عليه الحديث الصحيح المذكور في الباب (٧)، وليس لمن خالفه متمسك يصلح للمعارضة.

وقد نقل القرطبي (٩) عن الجمهور أنهم قالوا بما دلّ عليه، وخالفه النووي (١٠) فنقل عن الجمهور عدم القول به، ولكن (إذا جاء نهرُ الله بطل


(١) البحر الزخار (٥/ ٢١٢).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٢٢).
(٣) موسوعة فقه الإمام أبي ثور (ص ٧٤٩ - ٧٥٠).
(٤) بدائع الصنائع (٧/ ٦٤).
(٥) ذكره الحافظ في "التلخيص" (٤/ ١٤٩).
(٦) في السنن الكبرى (٨/ ٣٢٧ - ٣٢٨).
(٧) تقدم برقم (٣١٨٠) من كتابنا هذا.
(٨) في "التلخيص" (٤/ ١٤٩).
(٩) في "المفهم" (٥/ ١٣٩).
(١٠) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>