للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"يمرقون من الدين"، ولقوله: "لأقتلنهم قتل عاد"، وفي لفظ: "ثمود"، وكلٌّ منهما إنما هلك بالكفر. ولقوله: "هم شر الخلق" ولا يوصف بذلك إلا الكفار، ولقوله: "إنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى". ولحكمهم على كل من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار فكانوا هم أحق بالاسم منهم، وممن جنح إلى ذلك من المتأخرين الشيخ تقي الدين السبكي فقال في فتاويه (١): احتج من كفّر الخوارج وغلاة الروافض بتكفيرهم أعلام الصحابة لتضمنه تكذيب النبي في شهادته لهم بالجنة، قال: وهو عندي احتجاج صحيح. قال: واحتج من لم يكفرهم بأن الحكم بتكفيرهم يستدعي تقدم علمهم بالشهادة المذكورة علمًا قطعيًا، وفيه نظر، لأنا نعلم تزكية من كفروه علمًا قطعيًا إلى حين موته، وذلك كاف في اعتقادنا تكفير من كفرهم.

ويؤيده حديث (٢): "من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما".

وفي لفظ لمسلم (٣): "من رمى مسلمًا بالكفر أو قال: عدو الله، إلا حار عليه".

قال: وهؤلاء قد تحقق منهم أنهم يرمون جماعةً بالكفر ممن حصل عندنا القطع بإيمانهم، فيجب أن يحكم بكفرهم بمقتضى خبر الشارع، وهو نحو ما قالوه فيمن سجد للصنم ونحوه مما لا تصريح فيه بالجحود بعد أن فسروا الكفر بالجحود، فإن احتجوا بقيام الإجماع على تكفير فاعل ذلك قلنا: وهذه الأخبار الواردة في حقِّ هؤلاء تقتضي كفرهم، ولو لم يعتقدوا تزكية من كفروه علمًا قطعيًا، ولا ينجيهم اعتقاد الإسلام إجمالًا والعمل بالواجبات عن الحكم بكفرهم كما لا ينجي الساجد للصنم ذلك.


(١) فتاوى السبكي (٢/ ٥٦٩).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٨) وابن منده في "الإيمان" رقم (٥٩٩). بسند صحيح.
• وفي الباب عند البخاري رقم (٦٠٤٥) ومسلم رقم (٦١) من حديث أبي ذر.
•وعند البخاري رقم (٦١٠٣) من حديث أبي هريرة.
• وعند ابن حبان رقم (٢٤٨) والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (٨٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) في صحيحه رقم (١١٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>