للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): وممن جنح إلى بعض هذا المحبُّ الطبري في تهذيبه، فقال بعد أن سرد أحاديث الباب: فيه الردُّ على قول من قال: لا يخرج أحدٌ من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالمًا فإنه مبطلٌ لقوله في الحديث: "يقولون الحق ويقرؤون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء". ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطإ منهم فيما تأولوه من آي القرآن على غير المراد منه.

ويؤيد القول بالكفر ما تقدم من الأمر بقتالهم وقتلهم مع ما ثبت من حديث ابن مسعود (٢): "إنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وفيه: التارك لدينه المفارق للجماعة" كما تقدم.

وقال القرطبي في المفهم (٣): يؤيد القول بتكفيرهم ما في الأحاديث من أنهم خرجوا من الإسلام ولم يتعلقوا منه بشيء كما خرج السهم من الرمية لسرعته وقوة راميه بحيث لم يتعلق من الرمية بشيء، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "سبق الفرث والدم".

وحكي في الفتح (٤) عن صاحب الشفاء (٥) أنه قال فيه: وكذا نقطع بكفر من قال قولًا يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة.

وحكاه صاحب الروضة (٦) في كتاب الردة عنه وأقرَّه.

وذهب أكثر أهل الأصول (٧) من أهل السنّة إلى أن الخوارج فسّاق، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركان الإسلام، وإنما فُسِّقُوا بتكفير المسلمين، مستندين إلى تأويلٍ فاسدٍ، وجرّهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم والشهادة عليهم بالكفر والشرك.


(١) في الفتح (١٢/ ٣٠٠).
(٢) تقدم تخريجه برقم (٢٩٩٥) من كتابنا هذا.
(٣) في "المفهم" (٣/ ١١٠).
(٤) في "الفتح" (١٢/ ٣٠٠).
(٥) في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" له (٢/ ١٠٦٥ - ١٠٧٢).
(٦) روضة الطاليين (١٠/ ٧٠).
(٧) البحر المحيط (٤/ ٢٧١) وشرح الكوكب المنير (٢/ ٤٠٤ - ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>