للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال آخرون (١): شؤم الدار: ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم؛ وشؤم المرأة: عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب؛ وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وقيل: حِرانها وغلاء ثمنها؛ وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه.

وقيل: المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة.

قال القاضي عياض (٢): قال بعض العلماء: لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام:

(أحدها): ما لم يقع الضرر به، ولا اطَّردت به عادةٌ خاصةٌ ولا عامّةٌ؛ فهذا لا يلتفت إليه، وأنكر الشَّرع الالتفات إليه، وهو الطِّيرة.

(والثاني): ما يقع عنده الضَّرر عمومًا لا يخصه، ونادرًا لا يتكرر، كالوباء؛ فلا يقدم عليه ولا يخرج منه.

(والثالث): يخصُّ ولا يعمُّ، كالدَّار، والفرس، والمرأة، فهذا يباح الفرار منه. اهـ.

والراجح ما قاله مالك (٣)، وهو الذي يدل عليه حديث أنس (٤) الذي ذكرنا فيكون حديث الشؤم مخصصًا لعموم حديث: "لا طيرة"، فهو في قوَّة: "لا طيرة إلا في هذه الثلاث".

وقد تقرر في الأصول (٥) أنه يبنى العامُّ على الخاصِّ مع جهل التاريخ، واذَعى بعضهم: أنه إجماع، والتاريخ في أحاديث الطيرة والشؤم مجهول.

وما حكاه القاضي عياض (٦) في كلامه السابق أن الوباء لا يخرج منه، ولا يقدم عليه؛ فلعلَّه يتمسك بحديث النهي عن الخروج من الأرض التي ظهر فيها


(١) كما في شرح صحيح مسلم للنووي (١٤/ ٢٢٠ - ٢٢١).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم له (٧/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٣) المنتقى للباجي (٧/ ٢٩٤ - ٢٩٥).
(٤) وهو حديث حسن تقدم آنفًا.
(٥) إرشاد الفحول (ص ٥٣٦ - ٥٣٧) بتحقيقي. والبحر المحيط: (٣/ ٤٠٥ - ٤٠٩) وتيسير التحرير (١/ ٣٦١).
(٦) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ١٤٩ - ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>