للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين الحق فإذا لزم غيره [فذلك] (١) لأجل ما يعرض له بعد الولادة من التغييرات من جهة أبويه أو سائر من يربيه.

قوله: (جمعاء) بفتح الجيم، وسكون الميم، بعدها عين مهملة، قال في القاموس (٢): والجمعاء: الناقة المهزولة، ومن البهائم التي لم يذهب من بدنها شيء. انتهى.

والمراد ههنا المعنى الآخر بقوله: "هل تحسون فيها من جدعاء؟ "، والجدع قطع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفة كما في القاموس (٣)؛ قال: والجدعة محركة ما بقي بعد القطع. انتهى.

والمعنى أن البهائم كما أنها تولد سليمة من الجدع كاملة الخلقة، وإنما يحدث لها نقصان الخلقة بعد الولادة بالجدع ونحوه، كذلك أولاد الكفار يولدون على الدين الحق الكامل وما يعرض لهم من التلبس بالأديان المخالفة له فإنما هو حادث بعد الولادة بسبب الأبوين ومن يقوم مقامهما.

وحديث أبي هريرة (٤) فيه دليل على أن أولاد الكفار يحكم لهم عند الولادة بالإسلام، وأنه إذا وجد الصبي في دار الإسلام دون أبويه كان مسلمًا، لأنه إنما صار يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا بسبب أبويه، فإذا عدما فهو باق على ما ولد عليه وهو الإسلام.

قوله: (اللهُ أعلمُ بما كانُوا عاملين) فيه دليل على أن أحكام أولاد الكفار عند الله إذا ماتوا صغارًا غير متعينة بل منوطة بعمله الذي كان يعمله لو عاش.

وفي حديث ابن مسعود (٥) المذكور دليل على أنه من أهل النار لقوله فيه: "النار لهم ولأبيهم"، ويشكل ذلك على مذهب العدلية (٦) لعدم وقوع موجب التعذيب منهم.


(١) في المخطوط (ب): (فكذلك).
(٢) القاموس المحيط (ص ٩١٧).
(٣) القاموس المحيط (ص ٩١٤).
(٤) تقدم برقم (١٠/ ٣٢٢٤) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (١١/ ٣٢٢٥) من كتابنا هذا.
(٦) العدلية: سموا بالعدلية لقولهم: الله أعدل من أن يظلم عبده، ويؤاخذه بما لم يفعله، وهو أصل كلام القدرية الذي يعرفه عامتهم وخاصتهم، وهو أساس مذهبهم وشعارهم.
[منهاج السنة النبوية لابن تيمية (٣/ ١٤١)].

<<  <  ج: ص:  >  >>