للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى في البحر (١) عن العترة، وأبي حنيفة، وأصحابه، إنها تجوز الاستعانة بالكفار والفساق حيث يستقيمون على أوامره ونواهيه.

واستدلوا باستعانته بناس من اليهود كما تقدم (٢)، وباستعانته بصفوان بن أمية يوم حنين، وبإخباره بأنها ستقع من المسلمين مصالحة الروم، ويغزون جميعًا عدوًا من وراء المسلمين.

قال في البحر (٣): وتجوز الاستعانة بالمنافق إجماعًا لاستعانته بابن أُبيّ وأصحابه.

وتجوز الاستعانة بالفساق على الكفار إجماعًا وعلى البغاة عندنا، لاستعانة علي بالأشعث، انتهى.

وقد روي عن الشافعي (٤) المنع من الاستعانة بالكفار على المسلمين؛ لأن في ذلك جعل سبيل للكافر على المسلم، وقد قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (٥)، وأجيب بأن السبيل وهو اليد وهي للإمام الذي استعان بالكافر، وشرط بعض أهل العلم ومنهم الهادوبة أنها لا تجوز الاستعانة بالكفار والفساق إلا حيث مع الإمام جماعة من المسلمين يستقل بهم في إمضاء الأحكام الشرعية على الذين استعان بهم ليكونوا مغلوبين لا غالبين كما كان عبد الله بن أبيّ ومن معه من المنافقين يخرجون مع النبي للقتال وهم كذلك.

ومما يدل على جواز الاستعانة بالمشركين: "أن قزمان خرج مع أصحاب رسول الله يوم أحد، وهو مشركٌ، فقتل ثلاثةً من بني عبد الدار حملة لواء المشركين، حتى قال : "إنَّ الله ليأزر هذا الدين بالرجل الفاجر" كما ثبت ذلك عند أهل السير (٦).


(١) البحر الزخار (٥/ ٣٨٣) وانظر (٥/ ٣٨٩).
(٢) في حديث أبي حميد الساعدي آنفًا. وفيه: "فأسلموا".
(٣) البحر الزخار (٥/ ٣٨٣).
(٤) في الأم (٥/ ٥٢٧) والبيان للعمراني (١٢/ ١١٦ - ١١٧).
(٥) سورة النساء، الآية: (١٤١).
(٦) قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: كان فينا رجلٌ أتيُّ - أي =

<<  <  ج: ص:  >  >>