للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاب عن ذلك بأن أمر النبي للسائل بالوضوء ويحتمل أن ذلك لأجل المعصية. وقد ورد أن الوضوء من مكفرات الذنوب، أو لأن الحالة التي وصفها مظنة خروح المذي، أو هو طلب لشرط الصلاة المذكورة في الآية من غير نظر إلى انتقاض الوضوء وعدمه، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال (١).

وأما ما روي عن ابن عمر وابن مسعود وما ذكره الحاكم والبيهقي فنحن لا ننكر صحة إطلاق اللمس على الجس باليد بل هو المعنى الحقيقى، ولكنا ندعى أن المقام محفوف بقرائن توجب المصير إلى المجاز (٢).

وأَما قولهم بأن القبلة فيها الوضوء فلا حجة في قول الصحابي لا سيما إذا وقع معارضًا لما ورد عن الشارع (٣).

وقد صرح البحر ابن عباس الذي علمه الله تأوبل كتابه واستجاب فيه دعوة رسوله بأن اللمس المذكور في الآية هو الجماع وقد تقرر أن تفسيره أرجح من تفسير غيره لتلك المزية (٤).

ويؤيد ذلك قول أكثر أهل العلم: إن المراد بقول بعض الأعراب للنبي : "إن امرأته لا تردّ يد لامس" (٥) الكناية عن كونها زانية، ولهذا قال له :


= "المعرفة" (١/ ٢١٤ - ٢١٥ رقم ١٧٧) ط: العلمية. والدارقطني (١/ ١٤٤).
وقال الدارقطني: صحيح. وضعفه ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ٤٥ رقم ٢٦١٠).
حيث قال: "وهذا عندهم خطأ، لأن أصحاب ابن شهاب يجعلونه عن ابن عمر لا عن عمر".
وانظر: "نصب الراية" (١/ ٧١).
(١) قلت: أضف إلى ذلك ضعف الحديث.
(٢) كما تقدم في كلام ابن رشد في "بداية المجتهد" (١/ ١٠٢ - ١٠٤) وكلام الإمام الطبري في "جامع البيان" (٤/ ج ٥/ ١٠٥) وسبل السلام (١/ ٣٣٢ - ٣٣٥) ص ٦٧٧.
(٣) انظر: كتابنا "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" (ص ٢٢٨).
ففيه أن الصحابي إذا قال قولًا خالف المرفوع لا يكون حجة بل يكون مردودًا.
(٤) انظر: "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي (٢/ ٩٢).
(٥) وهو حديث صحيح.
أخرجه أبو داود (٢/ ٥٤١ رقم ٢٠٤٩) والنسائي (٦/ ٦٧ رقم ٣٢٢٩).
وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود (٣/ ٦): ورجال إسناده محتج بهم في الصحيحين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>