للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب المجوّزون عن حديث ابن عمر المتقدم (١) في زمارة الراعي بما تقدم من أنه حديث منكر (٢).

وأيضاً لو كان سماعه حرامًا لما أباحه لابن عمر ولا ابن عمر لنافع ولنهى عنه وأمر بكسر الآلة، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (٣).

وأما سده لسمعه فيحتمل أنه تجنبه كما كان يتجنب كثيرًا من المباحات كما تجنب أن يبيت في بيته درهم أو دينار وأمثال ذلك. لا يقال: يحتمل أن تركه للإنكار على الراعي إنما كان لعدم القدرة على التغيير. لأنا نقول: ابن عمر إنما صاحب النبيّ وهو بالمدينة بعد ظهور الإسلام وقوّته، فترك الإنكار فيه دليل على عدم التحريم.

وقد استدلّ المجوزون بأدلة منها قوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (٤)، ووجه التمسك بها أن الطيبات جمع محلى باللام فيشمل كل طيب، والطيب يطلق بإزاء المستلذّ وهو الأكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرّد عن القرائن، ويطلق بإزاء الظاهر والحلال وصيغة العموم (٥) كلية تتناول كل فرد من أفراد العام فتدخل أفراد المعاني الثلاثة كلها، ولو قصرنا العامّ على بعض أفراده لكان قصره على المتبادر هو الظاهر.

وقد صرّح ابن عبد السلام في "دلائل الأحكام" أن المراد في الآية بالطيبات: المستلذّات.

ومن جملة ما استدل به المجوّزون ما سيأتي في الباب الذي بعد هذا وسيأتي الكلام عليه.


(١) المتقدم برقم (٣٥٥٩) من كتابنا هذا.
(٢) بل هو حديث صحيح كما تقدم.
(٣) إرشاد الفحول ص ٥٧٤ - ٥٧٧ بتحقيقي والإرشاد والتقريب (٣/ ٣٨٤) والبحر المحيط (٣/ ٣٩٤).
(٤) سورة الأعراف، الآية: (١٥٧).
(٥) إرشاد الفحول ص ٣٩١ - ٣٩٢ والبحر المحيط (٣/ ٥ - ٦). وشرح الكوكب المنير (٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>