للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويحتمل أن النهي في الآية لا يتناول ما يحتاج إليه مما تقرّر حكمه كبيان ما أجمل أو نحو ذلك مما وقعت عنه المسائل.

وقد وردت عن الصحابة آثار كثيرة في المنع من ذلك ساقها الدارمي في أوائل مسنده (١).

(منها): عن زيد (٢) بن ثابت أنه كان إذا سئل عن الشيء يقول: هل كان هذا؟ فإن قيل: لا، قال: دعوه حتى يكون.

قال في الفتح (٣): والتحقيق في ذلك أن البحث عما لا يوجد فيه نصّ على قسمين:

(أحدهما): أن يبحث عن دخوله في دلالة النصّ على اختلاف وجوهها، فهذا مطلوب لا مكروه، بل ربما كان فرضاً على من تعين عليه من المجتهدين.

(ثانيهما): أن يدقق النظر في وجوه الفرق، فيفرق بين متماثلين بفرق ليس له أثر في الشرع مع وجود وصف الجمع، أو بالعكس بأن يجمع بين مفترقين لوصف طردي مثلاً، فهذا الذي ذمه السلف، وعليه ينطبق حديث ابن مسعود رفعه: "هلك المتنطعون" أخرجه مسلم (٤). فرأوا: أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته، ومثله: الإكثار من التفريع على مسألةٍ لا أصل لها في الكتاب، ولا


(١) رقم (١٢٣ - ١٣١).
(٢) • أخرجه الدارمي رقم (١٢٤) وهذا الأثر بلاغ من بلاغات الزهري.
قال الحافظ: "بلاغات الزهري قبض الريح".
قلت: وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" برقم (١٨١٣) من طريق سحنون: عبد السلام بن سعيد بن حبيب، حدثنا ابن وهب، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد … وهذا إسناد حسن.
• وأخرج الدارمي في مسنده رقم (١٢٦) عن طاووس قال: قال عمر - رضوان الله عليه - على المنبر: أُحَرِّجُ بالله على رجُلٍ سأل عما لم يكن، فإنَّ الله قد بين ما هوَ كائنٌ. إسناده صحيح.
• وأخرج الدارمي في مسنده رقم (١٢٩) عن زيد بن حباب، أخبرني رجاء بن حيوة قال: "سمعت عبادةَ بن نُسَيّ الكندي، وسُئِلَ عن امرأةٍ ماتت مع قوم ليس لها ولي، فقال: أدركتُ أقواماً ما كانوا يشدِّدون تشديدَكم، ولا يسألونَ مسائِلكم" إسناده صحيح.
(٣) (١٣/ ٢٦٧).
(٤) في صحيحه رقم (٧/ ٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>