للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت والدور فيندب قتلها من غير إنذار لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها، ففي الصحيح بلفظ: "اقتلوا الحيات" (١)، ومن ذلك حديث الخمس الفواسق (٢) المذكورة في أول الباب.

وفي حديث الحيَّة الخارجة بمنى: أنَّ النبيّ أمر بقتلها (٣) ولم يذكر إنذاراً، ولا نقل: إنهم أنذروها، فأخذ بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقاً، وخصت المدينة بالإنذار للحديث الوارد فيها.

وسببه ما صرّح به في صحيح مسلم (٤) وغيره أنه أسلم طائفة من الجنّ بها.

وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر، وأما ما ليس في البيوت؛ فيقتل من غير إنذار.

قال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد.

قال القاضي (٥): وقال بعض العلماء: الأمر بقتل الحيات مطلقاً مخصوص بالنهي عن حيات البيوت إلا الأبتر، وذا الطفيتين، فإنه يقتل على كل حال، سواء كان في البيوت أم غيرها وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار.

قالوا: ويخصُّ من النهي عن قتل حيات البيوت الأبتر، وذي الطفيتين. اهـ، وهذا هو الذي يقتضيه العمل الأصولي في مثل أحاديث الباب، فالمصير إليه أرجح.

وأما صفة الاستئذان؛ فقال القاضي (٦): روى ابن حبيب عن النبيّ أنه يقول: "أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان بن داود أن لا تؤذننا وأن تظهرن لنا" (٧)، وقال مالك (٨): يكفيه أن يقول: أحرّج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدوا لنا ولا تؤذننا. ولعلَّ مالكاً أخذ لفظ التحريج من لفظ الحديث المذكور.


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٢٩٧) ومسلم رقم (١٢٨/ ٢٢٣٣).
(٢) تقدم برقم (٣٦٠٠) من كتابنا هذا.
(٣) مسلم في صحيحه رقم (١٣٨/ ٢٢٣٥).
(٤) في صحيحه رقم (١٣٩/ ٢٢٣٦).
(٥) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ١٧١ - ١٧٢).
(٦) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ١٦٧).
(٧) أخرجه أبو داود رقم (٥٢٦٠) والترمذي رقم (١٤٨٥) وقال: حديث حسن غريب. وهو حديث ضعيف.
(٨) ذكره القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ١٦٧ - ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>