للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجوا بما ورد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن أعرابيًا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلاباً مكلبة فأفتني في صيدها، فقال: كل مما أمسك عليك وإن أكل منه"، أخرجه أبو داود (١).

قال الحافظ (٢): ولا بأس بإسناده، وسيأتي هذا الحديث في الباب الذي بعد هذا.

قال: وسلك الناس في الجمع بين الحديثين طرقاً منها للقائلين بالتحريم.

الأولى: حمل حديث الأعرابي على ما إذا قتله وخلَّاه ثم عاد فأكل منه. والثانية: الترجيح.

فرواية عديّ في الصحيحين ورواية الأعرابي في غير الصحيحين ومختلف في تضعيفها؛ وأيضاً فرواية عديّ صريحة مقرونة بالتعليل المناسب للتحريم وهو خوف الإِمساك على نفسه متأيدة بأن الأصل في الميتة التحريم، فإذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل ولظاهر القرآن أيضًا، وهو قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ (٣)، فإن مقتضاها أن الذي تمسكه من غير إرسال لا يباح، ويتقوّى أيضاً بالشواهد من حديث ابن عباس عند أحمد (٤): "إذا أرسلت الكلب فأكل الصيد فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه، فإذا أرسلته فقتله ولم يأكل فكل فإنما [أمسك] (٥) على صاحبه".


(١) في سننه رقم (٢٨٥٧).
إسناده حسن، على الخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والمعتمد أنه حسن الحديث؛ إذا لم يخالف من هو أوثق منه، وهذا الشرط غير متوفر هنا، لمخالفته لأحاديث من هو أوثق وأكثر عدداً منه. وهو في "الصحيحين"؛ وليس فيه ذكر الأكل. وخلاصة القول: أن الحديث حسن، لكن قوله: "وإن أكل منه" فهو منكر، والله أعلم.
(٢) في "الفتح" (٩/ ٦٠٢).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٤).
(٤) في المسند (١/ ٢٣١) رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد، إلا أن إبراهيم بن يزيد النخعي لم يسمع من ابن عباس.
(٥) في المخطوط (ب): (أمسكه).

<<  <  ج: ص:  >  >>