للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا هو المتبادر من سياق الحديث، حيث وقع الجواب فيه: سموا أنتم، كأنه قيل لهم: لا تهتموا بذلك بل الذي يهمُّكم أنتم أن تذكروا اسم الله وتأكلوا، وهذا من الأسلوب الحكيم، كما نبه عليه الطيبي (١).

ومما يدلّ على عدم الاشتراط قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ (٢) فأباح الأكل من ذبائحهم مع وجود الشكّ في أنهم سمُّوا أم لا.

قوله: (وكانوا حديثي عهد بالكفر) في رواية لمالك (٣): "وذلك في أوائل الإسلام"، وقد تعلق بهذه الزيادة قوم فزعموا أن هذا الجواب كان قبل نزول قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ (٤)، قال ابن عبد البّر (٥): وهو تعلق ضعيف.

وفي الحديث نفسه ما يردّه لأنَّه أمرهم فيه بالتسمية عند الأكل، فدلّ على أن الآية كانت نزلت بالأمر بالتسمية.

وأيضاً فقد اتفقوا؛ على أن الأنعام مكية، وأنَّ هذه القصة جرت بالمدينة، وأنَّ الأعراب المشار إليهم في الحديث هم بادية أهل المدينة.

قوله: (جارية) في رواية (٦): "أمة"، وفي رواية (٧): "امرأةٍ"، ولا تنافي بين الروايات، لأن الرواية الأخيرة أعمُّ، فيؤخذ بقول من زاد في روايته صفةً وهي كونها أمةً.

قوله: (فأمره بأكلها) فيه دليل: على أنها تحلّ ذبيحة المرأة، وإليه ذهب الجمهور (٨).


(١) في شرحه على المشكاة (٨/ ٩٧).
(٢) سورة المائدة، الآية: (٥).
(٣) في "الموطأ" (٢/ ٤٨٨) رقم (١).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٢٨٢٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٢٣٩) من طريق حماد بن سلمة، وجعفر بن عون، كلاهما عن هشام به مرسلًا. والخلاصة: أن هذا مرسل صحيح الإسناد.
وقد وصله البخاري في "صحيحه" رقم (٢٠٥٧) و (٥٥٠٧) و (٧٣٩٨) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.
(٤) سورة الأنعام، الآية: (١٢١).
(٥) التمهيد (١٠/ ٣٢٠ - الفاروق).
(٦) عند البخاري رقم (٥٥٠٥).
(٧) عند البخاري رقم (٥٥٠٤).
(٨) الفتح (٩/ ٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>