للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (من كان يؤمن بالله … إلخ) قيل: المراد من كان يؤمن الإِيمان الكامل المنجي من عذاب الله، الموصل إلى رضوانه، ويؤمن بيوم القيامة الآخر، استعدّ له واجتهد في فعل ما يدفع به أهواله ومكارهه، فيأتمر بما أمر به، وينتهي عما نهى عنه.

ومن جملة ما أُمر به إكرام الضيف، وهو: القادم من السفر، النازل عند المقيم. وهو يطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى.

قال ابن رسلان: والضيافة من مكارم الأخلاق، ومحاسن الدين، وليست واجبة عند عامة العلماء خلافًا لليث بن سعد، فإنه أوجبها ليلة واحدة. وحجة الجمهور: لفظ: "جائزته" المذكورة؛ فإن الجائزة هي العطية والصلة؛ التي أصلها على الندب، وقلما يستعمل هذا اللفظ في الواجب.

قال العلماء (١): معنى الحديث: الاهتمام بالضيف في اليوم والليلة، وإتحافه بما يمكن من بر وألطاف. انتهى.

والحقّ: وجوب الضيافة لأمور:

الأوّل: إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك، وهذا لا يكون في غير واجب.

والثاني: التأكيد البالغ يجعل ذلك فرع الإِيمان بالله واليوم الآخر، ويفيد: أن فعل خلافه فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ومعلوم: أنَّ فروع الإِيمان مأمور بها. ثم: تعليق ذلك بالإِكرام، وهو أخصّ من الضيافة، فهو دالّ على لزومها بالأولى.

والثالث: قوله: (فما كان وراء ذلك فهو صدقة) فإنه صريح: أن ما قبل ذلك غير صدقة، بل واجب شرعًا.

قال الخطابي (٢): يريد أنه يتكلف له في اليوم الأوّل ما اتسع له من برّ وألطاف، ويقدّم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته، ولا يزيد على عادته، فما


(١) ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٢/ ٣٢).
(٢) في "معالم السنن" (٤/ ١٢٨ - مع السنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>