للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويروى عن الإمام أحمد أنه سئل عن حديث عائشة فقال: ليس بمعروف.

قوله: (فأخذ قرصًا … إلخ) فيه استحباب التسوية بين الحاضرين على الطعام وإن كان بعضهم أفضل من بعضهم.

قوله: (هل من أدم) قال أهل اللغة (١): الإِدام - بكسر الهمزة -: ما يؤتدم به، يقال: أدم الخبز يأدمه - بكسر الدال -، وجمع الإِدام: أدم - بضم الهمزة - كإهاب وأهب، وكتاب وكتب، والأدم - بإسكان الدال - مفرد كالإدام، كذا قال النووي (٢).

قال الخطابي (٣) والقاضي عياض (٤): معنى الحديث: مدح الاقتصار في المأكل، ومنع النفس عن ملاذّ الأطعمة. تقديره: ائتدموا بالخلّ وما في معناه، مما تخفّ مؤنته، ولا يعزّ وجوده، ولا تتأنقوا في الشهوات؛ فإنها مفسدة للدين مسقمة للبدن.

قال النووي (٥): والصواب الذي ينبغي أن يجزم به: أنه مدح للخلِّ نفسه.

وأمَّا الاقتصار في المطعم، وترك الشهوات؛ فمعلوم من قواعد أخر.

قال (٦): وأما قول جابر (٧): فما زلت أحبُّ الخلّ منذ سمعتها من نبيّ الله ، فهو كقول أنس (٨): ما زلت أحبُّ الدُّبَّاءَ.

وهذا يؤيد ما قلناه في معنى الحديث: أنَّه مدح للخلّ نفسه، وقد كرّرنا مرّاتٍ: أن تأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر يتعين المصير إليه والعمل به عند جماهير العلماء من الفقهاء والأصوليين (٩)، وهذا كذلك، بل تأويل الراوي هنا هو ظاهر اللفظ ويتعين اعتماده. اهـ.


(١) "تهذيب اللغة" للأزهري (١٤/ ٢١٤ - ٢١٥).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٧/ ١٤).
(٣) في معالم السنن (٤/ ١٦٩ - مع السنن).
(٤) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٥٣٦).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٧/ ١٤).
(٦) أي النووي في "المرجع المتقدم آنفًا".
(٧) أخرجه مسلم رقم (١٦٧/ ١٠٥٢).
(٨) أخرجه البخاري رقم (٢٠٩٢) ومسلم رقم (١٤٤/ ٢٠٤١).
(٩) "إرشاد الفحول" (ص ٥٨٥ - ٥٨٦) بتحقيقي.
وشرح الكوكب المنير (٢/ ٥٦٠)، (٣/ ٤٦٠ - ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>