للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث أبي هريرة الأول: إسناده في سنن ابن ماجه (١) هكذا: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة … فذكره، ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن سليمان فصدوق لكنه يخطئ (٢)، وقد ضعفه النَّسَائِي، وقال أبو حاتم (٣): لا بأس به وليس بحجة.

وحديث عليّ سيأتي الكلام عليه آخر البحث.

قوله: (من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها حُرِمَها) بضم المهملة وكسر الراء الخفيفة من الحرمان، والمراد بقوله: "لم يتب منها" أي: من شربها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

قال الخطابي (٤) والبغوي في شرح السنة (٥): معنى الحديث لا يدخل الجنة؛ لأن الخمر شراب أهل الجنة، فإذا حرّم شربها دلّ على أنه لا يدخل الجنة.

وقال ابن عبد البّر (٦): هذا وعيد شديد يدل على حرمان دخول الجنة؛ لأن الله تعالى أخْبَرَ أن في الجنة أنهارًا من خمر لذّة للشاربين، وأنهم لا يصدّعون عنها ولا ينزفون، فلو دخلها وقد علم أن فيها خمرًا أو أنه حرمها عقوبةً له؛ لزم وقوع الهمِّ والحزن، والجنة لا همّ فيها ولا حزن.

وإن لم يعلم بوجودها في الجنة، ولا أنه حرمها عقوبةً له لم يكن عليه في فقدها ألم.

فلهذا قال بعض من تقدم: إنه لا يدخل الجنة أصلًا.

قال (٧): وهو مذهب غير مرضي. قال: ويحمل الحديث عند أهل السنة: على أنه لا يدخلها، ولا يشرب الخمر فيها إلا إن عفا الله عنه، كما في بقية الكبائر، وهو في المشيئة، فعلى هذا معنى الحديث: جزاؤه في الآخرة أن يحرمها لحرمانه دخول الجنة إلا إن عفا الله عنه.


(١) في سننه رقم (٣٣٧٥) وهو حديث حسن.
(٢) التقريب رقم الترجمة (٥٩٣٠).
(٣) الجرح والتعديل (٧/ ٢٦٧).
(٤) في معالم السنن (٤/ ٨٦).
(٥) (١١/ ٣٥٥).
(٦) في "التمهيد" (١٤/ ١٥٠ - الفاروق).
(٧) أي: ابن عبد البر في المرجع السابق (١٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>