للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو حنيفة (١): لا يحرم عصير العنب إلى أن يغلي ويقذف بالزَّبد، فإذا غلى، وقذف بالزبد، حرم.

وأما المطبوخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه: فلا يمتنع مطلقًا ولو غلى وقذف بالزبد بعد الطبخ.

وقال مالك (٢) والشافعي والجمهور (٣): يمتنع إذا صار مسكرًا شرب قليله وكثيره، سواء غلى أم لا؛ لأنَّه لا يجوز أن يبلغ حدَّ الإِسكار، بأن يغلي ثم يسكن غليانه بعد ذلك.

وهو مراد من قال: حدّ منع شربه أن يتغير.

وأخرج مالك (٤) بإسناد صحيح أن عمر قال: إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء، وإني سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته، فجَلَده عمر الحدَّ تامًّا. وفي السياق حذف والتقدير: فسأل عنه، فوجده يسكر فجلده.

وأخرج سعيد بن منصور (٥) عنه نحوه.

وفي هذا ردٌّ على من احتجّ بعمر في جواز المطبوخ إذا ذهب منه الثلثان ولو أسكر؛ بأن عمر أذن في شربه ولم يفصل.

وتعقب: بأنَّ الجمع بين الأثرين ممكن بأن يقال: سال ابنه فاعترف بأنه شرب كذا، فسأل غيره عنه فأخبره أنه يسكر، أو سأل ابنه فاعترف أنه يسكر.

وقال أبو الليث السمرقندي (٦): شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنبًا


(١) المبسوط (٢٤/ ١٣) وتبيين الحقائق (٦/ ٤٤) و"البناية في شرح الهداية" (١١/ ٤٤٧ - ٤٤٨).
(٢) التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٥٠٠).
(٣) الفتح (١٠/ ٦٤).
(٤) في الموطأ (٢/ ٨٤٢) رقم (١) بسند صحيح.
وهو موقوف صحيح.
(٥) كما في "فتح الباري" (١٠/ ٦٥).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>