للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد رجح نافع على سالم في بعض الأحاديث عن ابن عمر، وسالم مقدّم على نافع في التثبت.

وقدم شريك على الثوري في حديثين وسفيان مقدّم عليه في جملة أحاديث.

ويروى عن أبي هريرة أنه قال: لا بأس بالشرب قائمًا، قال: فدلّ على أن الرواية عنه في النهي ليست بثابتة وإلا لما قال: لا بأس به، قال: ويدلّ على وهانة أحاديث النهي أيضًا اتفاق العلماء على أنه ليس على أحد شرب أن يستقيء.

(المسلك الثاني): دعوى النسخ وإليها جنح الأثرم وابن شاهين (١) فقرّرا أن أحاديث النهي على تقدير ثبوتها منسوخة بأحاديث الجواز بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة والتابعين بالجواز.

وقد عكس ابن حزم (٢)، فادعى نسخ أحاديث الجواز بأحاديث النهي، متمسكًا بأن الجواز على وفق الأصل.

وأحاديث النهي مقررة لحكم الشرع، فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه البيان، فإنَّ النسخ لا يثبت بالاحتمال.

وأجاب بعضهم: بأن أحاديث الجواز متأخرة لما وقع منه في حجة الوداع كما تقدم ذكره في حديث الباب عن ابن عباس (٣)، وإذا كان ذلك الآخر من فعله دلّ على الجواز ويتأيد بفعل الخلفاء الراشدين.

(المسلك الثالث): الجمع بين الأخبار بضرب من التأويل.

قال أبو الفرج الثقفي (٤): المراد بالقيام هنا المشي، يقال: قمت في الأمر: إذا مشيت فيه، وقمت في حاجتي: إذا سعيت فيها وقضيتها، ومنه قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ (٥) أي: مواظبًا بالمشي عليه.


(١) في "الناسخ والمنسوخ من الحديث" لابن شاهين (ص ٤٢٣ - دار الوفاء).
(٢) المحلى (٧/ ٥٢٠).
(٣) تقدم برقم (٣٧٥٠) من كتابنا هذا.
(٤) في "نصرة الصحاح" كما في "الفتح" (١٠/ ٨٤).
(٥) سورة آل عمران الآية: (٧٥).
وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ١١٧). =

<<  <  ج: ص:  >  >>