للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإن الله لم ينزل داء) المرادُ بالإِنزال: إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبيِّ مثلًا، أو المراد به: التقدير.

قوله: (عباد الله تداووا) لفظ الترمذي (١): "قال: نعم يا عباد الله تداووا"، والداء والدواء كلاهما بفتح الدال المهملة، وبالمدِّ، وحكي: كسر دال الدواء.

قوله: (والهرم) (٢) استثناه؛ لكونه شبيهًا بالموت، والجامع بينهما تَقَضِّي الصحة، أو لقربه من الموت، أو إفضائه إليه.

ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعًا، والتقدير: لكن الهرم لا دواء له، وفي لفظ: "إلا السام" (٣) بمهملةٍ مخففًا: وهو الموت.

ولعل التقدير: إلا داء السام؛ أي: المرض الذي قُدِّر على صاحبه الموت.

قوله: (علمه من علمه) فيه إشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمه كل واحد.

وفي أحاديث الباب كلها إثبات الأسباب، وأنَّ ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله، وبتقديره، وأنها لا تنجع بذواتها، بل بما قدره الله فيها، وأنَّ الدواء قد ينقلب داءً إذا قدر الله ذلك، وإليه الإشارة في حديث جابر (٤) حيث قال: "بإذن الله" فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته، والتداوي لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب، وكذلك تجنب المهلكات، والدعاء بالعافية، ودفع المضارِّ وغير ذلك.

قوله: (وجهله من جهله) فيه دليل: على أنَّه لا بأس بالتداوي لمن كان به داء قد اعترف الأطباء بأنه لا دواء له وأقرُّوا بالعجز عنه.

قوله: (رُقًى نسترقيها … إلخ) سيأتي الكلام على الرقية.


(١) في سننه رقم (٢٠٣٨) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) الهرم: الكبر. وقد هَرِم يَهْرَم فهو هرم. جعل الهرَم داءً تشبيهًا به، لأنَّ الموت يتعقَّبه كالأدواء.
النهاية (٢/ ٩٠٣) والمجموع المغيث (٣/ ٤٩٥).
(٣) النهاية (١/ ٨٠٩) والمجموع المغيث (٢/ ١٣٠).
(٤) تقدم برقم (٣٧٦٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>