للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدل المصنف أيضًا على ذلك بحديث بريدة (١) المذكور في الباب لقوله فيه: "رجل ورجل"، فدل بمفهومه على خروج المرأة.

قوله: (وإمارة الصبيان) فيه دليل على أنه لا يصح أن يكون الصبيُّ قاضيًا، قال في البحر (٢): إجماعًا.

وأمره بالتعوذ من رأس السبعين لعله لما ظهر فيها من الفتن العظيمة، منها: قتل الحسين ، ووقعة الحرة، وغير ذلك مما وقع في عشر السبعين.

قوله: (القضاة ثلاثة … إلخ) في هذا الحديث أعظم وازع للجهلة عن الدخول في هذا المنصب الذي ينتهي بالجاهل والجائر إلى النار.

وبالجملة فما صنع أحد بنفسه ما صنعه من ضاقت عليه المعايش فزجّ بنفسه في القضاء لينال من الحطام وأموال الأرامل والأيتام ما يحول بينه وبين دار السلام مع جهله بالأحكام أو جوره على من قعد بين يديه للخصام من أهل الإسلام.

قوله: (من أفْتي) بضم الهمزة وكسر المثناة مبني لما لم يسمّ فاعله، فيكون المعنى من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة، والاستدلال كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب لا على المستفتي المقلد.

وقد روي بفتح الهمزة والمثناة، فيكون المعنى من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على الذي سوّغ له ذلك وأفتاه بجواز الفتيا من مثله مع جهله وأذن له في الفتوى ورخص له فيها.

قوله: (أراك ضعيفًا) فيه دليل: على أن من كان ضعيفًا لا يصلح لتولي القضاء بين المسلمين.

قال أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي (٣) في "كتاب أدب القضاء" له: لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافًا أن أحقّ الناس أن يقضي بين المسلمين من


(١) تقدم برقم (٣٨٨٩) من كتابنا هذا.
(٢) البحر الزخار (٥/ ١١٩).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٣/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>