للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بان فضله وصدقه وعلمه وورعه، وأن يكون عارفًا بكتاب الله عالمًا بأكثر أحكامه عالمًا بسنن رسول الله حافظًا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة، عالمًا بالوفاق والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم، يتتبع النوازل من الكتاب، فإن لم يجد ففي السنة، فإن لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة، فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن ثم بالسنة ثم بفتوى أكابر الصحابة عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم والمشاورة لهم مع فضل وورع، ويكون حافظًا للسانه ونطقه وفرجه، فهمًا بكلام الخصوم، ثم لا بد أن يكون عاقلًا مائلًا عن الهوى.

ثم قال: وهذا وإن كنَّا نعلم أنه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم.

وقال المهلب (١): لا يكفي في استحباب القضاء أن يرى نفسه أهلًا لذلك، بل أن يراه الناس أهلًا له.

وقال ابن حبيب (٢) عن مالك: لا بد أن يكون القاضي عالمًا عاقلًا.

قال ابن حبيب (٣): فإن لم يكن علم فعقل وورع، لأنه بالورع يقف وبالعقل يسأل، وهو إذا طلب العلم وجده، وإذا طلب العقل لم يجده. انتهى.

قلت: ماذا يصنع الجاهل العاقل عند ورود مشكلات المسائل؟ وغاية ما يفيده العقل التوقف عند كل خصومة ترد عليه وملازمة سؤال أهل العلم عنها والأخذ بأقوالهم مع عدم المعرفة لحقها من باطلها، وما بهذا أمر الله عباده فإنه أمر الحاكم أن يحكم بالحقّ وبالعدل وبالقسط وبما أنزل، ومن أين لمثل هذا العاقل العاطل عن حلية الدلائل أن يعرف حقيقة هذه الأمور، بل من أين له أن يتعقل الحجة إذا جاءته من كتاب أو سنة حتى يحكم بمدلولها، ثم قد عرف اختلاف طبقات أهل العلم في الكمال والقصور والإنصاف والاعتساف والتثبت والاستعجال والطيش والوقار والتعويل على الدليل والقنوع بالتقليد، فمن أين لهذا الجاهل العاقل معرفة العالي من السافل حتى يأخذ عنه أحكامه وينيط به


(١) ذكره ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٢٣٥).
(٢) ذكره ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٢٣٥).
(٣) ذكره ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>