للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): وفي الحديث أيضًا: أن من ادعى مالًا ولم يكن له بينة، فحلف المدعى عليه، وحكم الحاكم ببراءة الحالف أنه لا يبرأ في الباطن ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم.

والحديث حجة لمن أثبت: أنَّه قد يحكم بالشيء في الظاهر، ويكون الأمر في الباطن بخلافه.

ولا مانع من ذلك؛ إذ لا يلزم منه محالٌ عقلًا ولا نقلًا.

وأجاب من منع: بأن الحديث يتعلق بالحكومات الواقعة في فصل الخصومات المبنية على الإقرار أو البينة، ولا مانع من وقوع ذلك فيها، ومع ذلك لا يقرّ على الخطأ.

وإنما الذي يمتنع وقوع الخطأ فيه أن يخبر عن أمر بأنَّ الحكم الشرعي فيه كذا ويكون ذلك ناشئًا عن اجتهاده فإنه لا يكون إلا حقًّا لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)(٢).

وأجيب بأن ذلك يستلزم الحكم الشرعي فيعود الإشكال كما كان، والمقام يحتاج إلى بسط طويل ومحله الأصول فليرجع إليها.

قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن الحكم بتمليك مال، أو إزالة ملك، أو إثبات نكاحٍ، أو فرقة، أو نحو ذلك، إن كان في الباطن كما هو في الظاهر؛ نفذ على ما حكم به، وإن كان في الباطن على خلاف ما استند إليه الحاكم من الشهادة أو غيرها لم يكن الحكم موجبًا للتمليك، ولا الإزالة، ولا النكاح، ولا الطلاق، ولا غيرها وهو قول الجمهور (٣)، ومعهم أبو يوسف.

وذهب آخرون: إلى أن الحكم إن كان في مال، وكان الأمر في الباطن بخلاف ما استند إليه الحاكم من الظاهر لم يكن ذلك موجبًا لحله للمحكوم له.

وإن كان في نكاح أو طلاق فإنه ينفذ ظاهرًا وباطنًا؛ وحملوا حديث الباب على ما ورد فيه وهو المال.


(١) في "الفتح" (١٣/ ١٧٤).
(٢) سورة النجم، الآية: (٣).
(٣) الفتح (١٣/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>