للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنةٍ) صرّح أبو عبيد بأنَّ الخيانة تكون في حقوق الله كما تكون في حقوق الناس من دون اختصاص.

قوله: (ولا ذي غمر) قال ابن رسلان: بكسر الغين المعجمة، وسكون الميم، بعدها راء مهملة. قال أبو داود (١): الغمر (٢): الحنَة والشحناء، والحنَة بكسر الحاء المهملة، وتخفيف النون المفتوحة لغة في إحنة: وهي الحقد؛ قال الجوهري (٣): يقال: في صدره عليَّ إحنةٌ، ولا يقال: حنة، والمواحنة: المعاداة.

والصحيح أنها لغة كما ذكره أبو داود وجمعها حنات.

قال ابن الأثير (٤): وهي لغة قليلة في الإحنة؛ وقال الهروي (٥): هي لغةٌ رديئةٌ، والشحناء بالمدِّ: العداوة، وهذا يدلّ على أن العداوة تمنع من قبول الشهادة لأنها تورث التهمة وتخالف الصداقة، فإن في شهادة الصديق لصديقه بالزور نفع غيره بمضرّة نفسه، وبيع آخرته بدنيا غيره، وشهادة العدوِّ على عدوّه يقصد بها نفع نفسه بالتشفي من عدوّه فافترقا.

فإن قيل: لم قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة؟ قال ابن رسلان: قلنا: العداوة ههنا دينيةٌ، والدِّين لا يقتضي شهادة الزور، بخلاف العداوة الدنيوية.

قال: وهذا مذهب الشافعي (٦) ومالك (٧) وأحمد (٨) والجمهور.

وقال أبو حنيفة (٩): لا تمنع العداوة الشهادة لأنها لا تخلّ بالعدالة فلا تمنع الشهادة كالصداقة. اهـ.


(١) في السنن (٤/ ٢٥).
(٢) النهاية (٢/ ٣٢٠) والمجموع المغيث (٢/ ٥٧٧).
(٣) في "الصحاح" (٥/ ٢٠٦٨).
(٤) النهاية (١/ ٤٢).
(٥) في الغريبين في القرآن والحديث (١/ ٥١).
(٦) روضة الطالبين للنووي (١١/ ٢٣٨) والبيان للعمراني (١٣/ ٣١٠ - ٣١١).
(٧) عيون المجالس (٤/ ٥٥٣ رقم المسألة ١٠٩٣) والتهذيب في اختصار المدونة (٣/ ٥٨٣ - ٥٨٤).
(٨) المغني (١٤/ ١٧٤ - ١٧٥).
(٩) بدائع الصنائع (٦/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>