للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث يدلّ على أن من أخلّ بواحدة منها فهو حلال الدم والمال إذا لم يتب، وسيأتي ذكر الخلاف وبيان ما هو الحق في الباب الذي بعد هذا (١). وفي الاستتابة وصفتها ومدتها خلاف معروف في الفقه (٢).

قوله: (إلا بحق الإسلام)، المراد ما وجب به في شرائع الإسلام إراقة الدم كالقصاص وزنا المحصن ونحو ذلك، أو حل به أخذ جزء من المال كأروش الجنايات وقيم المتلفات وما وجب من النفقات وما أشبه ذلك.

قوله: (وحسابهم على الله)، المراد فيما يستسرّ به ويخفيه دون ما يعلنه ويبديه.

وفيه أن من أظهر الإسلام وأسرّ الكفر يقبل إسلامه في الظاهر، وهذا قول أكثر العلماء. وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل، ويحكى ذلك عن أحمد بن حنبل، قاله الخطابي (٣).

وذكر القاضي عياض معنى هذا، وزاد عليه وأوضحه.

قال النووي (٤): "وقد اختلف أصحابنا في قبول توبةِ الزنديق وهو الذي ينكر الشرع جملة، قال: فذكروا فيه خمسة أوجه لأصحابنا، والأصوب فيها قبولها مطلقًا للأحاديث الصحيحة المطلقة؛ والثاني: لا تقبل ويتحتم قتله، لكنه إن صدق في توبته نفعه ذلك في الدار الآخرة فكان من أهل الجنّة. والثالث: إن تاب مرة واحدة قبلت توبته، فإن تكرر ذلك منه لم تقبل. والرابع: إن أسلم ابتداء من غير طلب قبل منه، وإن كان تحت السيف فلا. والخامس: إن كان داعيًا إلى الضلال لم يقبل منه وإلا قبل".

قال النووي (٥) أيضًا: ولا بدّ مع هذا: يعني القيام بالأمور المذكورة في الحديث من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله ، كما جاء في الرواية


(١) أي في الباب الثاني (باب قتل تارك الصلاة) عند الحديث رقم (٥/ ٣٩٦).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١٢/ ٢٦٤ - ٣٠٦) كتاب المرتد.
(٣) في "معالم السنن" (٢/ ٢٠٧) - هامش السنن.
(٤) في "شرحه لصحيح مسلم" (١/ ٢٠٧).
(٥) في "شرحه لصحيح مسلم" (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>