للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلفوا أيضًا في وجوب الاستتابة، فالهادوية توجبها وغيرهم لا يوجبها لأنه يقتل حدًا، ولا تسقط التوبة الحدود كالزاني والسارق. وقيل: إنه يقتل لكفره، فقد حكى جماعة الإجماع على كفره كالمرتدّ وهو الظاهر، وقد أطال الكلام المحقّق ابن القيم في ذلك في كتابه في الصلاة (١). والفرق بينه وبين الزاني واضح، فإن هذا يقتل لتركه الصلاة في الماضي وإصراره على تركها في المستقبل، والترك في الماضي يتدارك بقضاء ما تركه بخلاف الزاني فإنه يقتل بجناية تقدمت لا سبيل إلى تركها.

واختلفوا هل يجب القتل لترك صلاة واحدة أو أكثر، فالجمهور أنه يقتل لترك صلاة واحدة، والأحاديث قاضية بذلك، والتقييد بالزيادة على الواحدة لا دليل عليه.

قال أحمد بن حنبل (٢): إذا دعي إلى الصلاة فامتنع وقال: لا أصلي، حتى خرج وقتها وجب قتله، وهكذا حكم تارك ما يتوقف صحة الصلاة عليه من وضوء أو غسل أو استقبال القبلة أو ستر عورة، وكل ما كان ركنًا وشرطًا (٣).

١٠/ ٤٠١ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ [رضي الله تعالى عنه] (٤) قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: "العَهْدُ الَّذِي بَينَنا وَبَينَكُمْ الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ" رَوَاهُ الخَمْسَةُ) (٥). [صحيح]


(١) (ص ٥٠ - ٦٧).
(٢) انظر: "الروض المربع شرح زاد المستقنع" (ص ٦١).
(٣) انظر: "الإفصاح عن معاني الصحاح في مذاهب الأئمة الأربعة" لابن هبيرة (١/ ٢٠١ - ٢٠٧ مسألة ٧ و ٨).
(٤) زيادة من (جـ).
(٥) أحمد (٥/ ٣٤٦)، والترمذي رقم (٢٦٢١)، والنسائي (١/ ٢٣١)، وابن ماجه رقم (١٠٧٩)، والحاكم (١/ ٦ - ٧)، وابن حبان رقم (١٤٥٤) من طريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد لا تعرف له علَّةٌ بوجهٍ من الوجوه، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وقال المحدّث الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (١/ ٣٦٦) التعليقة رقم (٢): " … ولم أجده عند أبي داود، وقد رواه ابن ماجه (١/ ٣٣٣) ولم يعزه المِزِّي في "تحفة الأشراف" (١٩٦٠) لأبي داود" اهـ.
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>