للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يترددون، لا يشكون في حكم رسول الله، بل هو حكم حق، بل هو فصل الخطاب، ومع ذلك قال: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

ومعنى {وَيُسَلِّمُوا}: بيِّنٌ في قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١].

هذا هو التسليم، ولذلك لما نزلت الآية التي في سورة المائدة، التي فيها تحريم الخمر، وقال الله تعالى في آخرها بعد أن قال - سبحانه وتعالى -: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: ٩٠].

إلى آخر الآية، قال: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [المائدة: ٩١].

قال الصحابة عندئذ: "انتهينا، انتهينا"، سلموا أمرهم لله، هكذا ينزل المؤمنون على حكم الله - سبحانه وتعالى -، وعلى حكم رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤].

لا شك بأن هذا القرآن وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيهما حياة للقلوب، فيهما طمأنينة للنفوس، فمن تغذى من القرآن تغذى غذاءً لا شك أنه يبعد عنه كل سقم، ومن تربى في مدرسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونهل من سنته، فإنه كذلك سيكون بإذن الله تعالى من السعداء؛ لأنه تربى في مدرسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي خرجت من مشكاة النبوة، ولذلك كان الصحابة - رضي الله عنه - يتلقفون أحاديث رسول الله، فيعملون بها ويدعون إليها، وينقلونها للأجيال بعدهم.

قوله: (فَقَالَ: "شَاهِدَاكَ، أَوْ يَمِينُهُ! " فَقُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفُ، وَلَا يُبَالِي! فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ") (١).


(١) أخرجه البخاري (٢٦٦٩)، ومسلم (٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>