للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: إِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِخَطِّ القَاضِي، وَأَنَّهُ كَانَ بِهِ العَمَلُ الأَوَّلُ). الحديث هنا مرتبط بكتابة القاضي، وهي مسألة تناولناها فيما مضى، فيما يتعلق بما إذا كتب القاضي إلى قاض، وبيَّنا أن الكتابة إنما تعتمد إذا كتب القاضي في حالة ولايته، ووصلت إلى القاضي الآخر في حالة ولايته، وأنه لا فرق بين تبادل الكتابات بين قاضي المصر - أي: قاضي المدينة - وقاضي القرية، وبين قاضي المدينة وقاضي المدينة، وبين قاضي القرية وقاضي القرية، وهكذا، وأن هناك شروطًا ينبغي أن تكون متوافرة في كتابة القاضي: هل يشترط أن تكون بخط القاضي، وأن يختمها، وأن يستشهد عليها شاهدين، وأن يوقع عليه؟

اشترط جمهور العلماء هذه الشروط، ورأوا أنها إنما تثبت ذلك الأمر؟ لما يترتب عليه من الحقوق، وبيَّنا جزءًا من الصيغة التي يتم بها ذلك، أن كتاب القاضي كغيره يبدأ بـ (باسم الله)، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله " (١)، وفي بعض الروايات "باسم الله، فهو أقطع" (٢)، وأبتر وممحوق البركة، يكتب بذلك، ويبيِّن أنه


= إليه بها على رأيه، وإن كان مخالفًا لرأي الكاتب)؛ لأنه ابتداء حكم (وهو) نفل الشهادة حقيقة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٦٥)؛ حيث قال: " (و) لو دفع القاضي كتابًا مطويًّا إلى الشهود (أفاد) العمل بمقتضاه (إن أشهدهما أن ما فيه حكمه، أو خطه) ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ٢٧٢)؛ حيث قال: "والأوجه جواز كتابته بسماع شاهد واحد ليسمع المكتوب إليه شاهدًا آخر أو يحلفه له ".
ومذهب الحنابلة، ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٣٦٣)؛ حيث قال: " (ويشترط لقبوله)، أي: كتاب القاضي (أن يقرأ على عدلين وهما ناقلاه)، أي: الكتاب إلى المكتوب إليه، ليتحملا الشهادة به، وسواء كانت القراءة من حاكم أو غيره. والأولى أن يقرأه الحاكم؛ لأنه أبلغ ".
(١) أخرجه أبو داود (٤٨٤٠)، وضعفه الشيخ الألباني في "الإرواء" (٣/ ٧٣).
(٢) أخرجه السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (١/ ٦) من طريق الرهاوي بسنده، وضعفه الشيخ الألباني في "الإرواء" (١/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>