للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك جاء في الآية الأُخرى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

فهناك أركان في هذه الآية بينها اللّه تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. أي: فيما وقع بينهم من اختلاف. {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}.

لا يستغلهم الشيطان، فيوسوس لهم، وينفث في قلوبهم، بأن هذا الحكم فيه جور، كما جاء في قصة الأنصاري والزبير، عندما قال: إن كان ابن عمتك. وقال الرسول: "إذا لم أعدل فمن يعدل؟! ". فتغير وجه رسول اللّه، ثم طبق الحكم على العدل، بعد أن كان على الفضل، كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يستخدم في حكمه التيسير، فلما قال ذلك الرجل تلك المقالة قال: "اسق يا زبير، حتى يصل إلى الجدر" (١)، يعني: حتى يرتفع. قال تعالى: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

واجب المؤمن أنه إذا دعي إلى اللّه، وإلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُسَلِّم للّه، يعني لكتابه، ويسلِّم لرسوله في وقت حياته، وبعد مماته - صلى الله عليه وسلم - يسلِّم لسنته.

فدائمًا تجد المؤمن إذا حكم عليه بأمر يحمد اللّه، ويقول: الحمد للّه.


(١) أخرجه البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) عن عبد اللَّه بن الزُّبَير - رضي الله عنهما -: "أنه حدثه أن رجلًا من الأنصار خاصم الزُّبَير عند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة، التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر. فأبى عليه؟ فاختصما عند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك". فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ .. فتلون وجه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر". فقال الزُّبَير: واللّه، إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>