للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العلماء من قال: إن في هذه الآية دليل على الأوقات كلها؛ فقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}: تشمل صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: {قُرْآنَ الْفَجْرِ}: هو إشارة إلى وقت صلاة الفجر، وأشير إلى الصلاة بالقراءة؛ لأنها تطول فيها (١).

وقد مرَّت بنا الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي وردت في تعليم جبريل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة ومواقيتها، وما ذاك لأهمية الصلاة وأهمية أدائها في وقتها، لأن جبريل نزل؛ فبين للرسول -صلى الله عليه وسلم- أوقاتها طبقها تطبيقًا عمليًا عند بيت الله الحرام مرتين، ثم جاء بعض الأعراب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألوه عن أوقات الصلوات؛ فبين لهم ذلك تطبيقًا عمليًّا، حتى لا يلتبس عليهم الأمر ولا تشتبه عليهم المسائل، ثم جاء الصحابة بعد ذلك، فأخذوا يبينون ويوضحون لمن يأتيهم سائلًا عن أوقات الصلوات.

والصلاة أمرها عظيم، وقد أوجبها بقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} [البقرة: ٤٣]، وينبغي الاهتمام بها وعدم التساهل في أمر من أمورها، لأنها الركن الثاني بعد الشهادتين، وهي الوسيلة التي يناجي فيها المرء ربه، ويطَّرِحُ فيها بين يديه، يُمَرِّغُ أشرف ما في بدنه وهو الوجه، فيضع على الأرض ذلًا وخضوعًا للّه -سبحانه وتعالى-، وورد في الحديث الصحيح: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعَاءَ" (٢).

وكل مسلم يخرج إلى صلاته متطهرًا" يكتب الله -سبحانه وتعالى- له الحسنات في خطواته إليها؛ لأنه خرج مستجيبًا لنداء الله -سبحانه وتعالى-، فإذا سمع نداء المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ هرع إلى المسجد، ومشى بسكينة ووقار، وذلك خير له؛ فإذا دخل المسجد صلى، فإذا جلس فهو في حكم


(١) قال ابن كثير في "التفسير" (٥/ ١٠٢): "فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلاة الخمسة فمن قوله: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} وهو: ظلامه، وقيل: غروب الشمس، أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله تعالى: {قُرْآنَ الْفَجْرِ} يعني: صلاة الفجر".
(٢) أخرجه مسلم (٤٨٢/ ٢١٥) وغيره عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>