للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى من هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعندما قدم الرسول والصحابة المدينة وأرادوا الصلاة؛ لأن فرض الصلاة سبقت الأذان؛ فكانوا يحيلون الأوقات، ويتحرونها؛ فأصبح ذلك شاقًّا عليهم؛ ولذلك فكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه في وسيلة يجتمع حولها المسلمون؛ لأداء الصلوات الخمس ففكروا في صنع ناقوس (١) يُضرَب "كما هو شعار النصارى، أو أن يضعوا بوقًا ينادون به الصلاة، وانتهى بهم الأمر إلى الأذان، وذلك كما ورد في حديث عبد الله بن زيد: "أن الناس اختلفوا في جمع الناس للصلاة؛ فأشار بعضهم: أن يعمل ناقوسًا مثل ناقوس النصارى يُضرَب به لجمع الناس في الصلاة، وأشار بعضهم: بالنفخ في البوق (٢) كما يفعل اليهود، وبينما كان عبد الله بن زيد نائمًا آتاه رجل فقال: طافَ بي رجل وأنا نائم، وفي يده ناقوس فقلت: يا عبدَ الله، أتبيع ما في يدك؟ قال: وما تصنع به؟ قال: ننادي به في الصلاة. فقال له: ألا أدلُّك على خير من ذلك؟ قال: بلى. قال تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله، ذكرها مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر غير بعيد عني، ثم قال لي: إذا أقمت الصلاة فقل: الله أكبر الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فذهب عبد الله بن زيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقصَّ عليه رؤياه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها لرؤيا حقٍّ إن شاء الله، قُم فألقِ على بلال ما رأيت؟ فإنه أندى منك صوتًا"؛ فقام بلال ينادي بذلك، فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج مسرعًا يجرُّ


(١) الضرب بالناقوس: خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها. والنصارى يعلمون بها أوقات صلاتهم. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٥/ ١٠٦)، و"الصحاح" للجوهري (٣/ ٩٨٥).
(٢) "البوق": الذي ينفخ فيه ويزمر، والجمع بوقات وبيقات. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص: ٥٣)، و"القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص: ٨٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>