للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقم الصلاة فصلاته غير صحيحة وتلزمه الإعادة (١)، ونُقل عن الأوزاعي - وهو أيضًا من أكابر الفقهاء - قال: إن كان في الوقت أعاد، في رواية عنه: وإلا فلا.

إذن هناك مَن يرى أن الصلاة لا تصح بدون إقامة، لكن جماهير العلماء يقولون كما مرَّ في حكم الأذان، وحتى الذين يقولون بأن الأذان والإقامة فرض كفاية يقول: لو أن إنسانًا صلى بغير أذان ولا إقامة فصلاته صحيحة (٢)، وهذا الكلام فيما إذا لم يوجد مؤذن في الحيِّ، أمَّا لما نقول فرض كفاية فإنه إذا وُجد البعض كفى عن الباقين، فإذا جاء أحد مثلًا إلى المسجد وقد انتهت الصلاة فلا يحتاج إلى أن يؤذِّن - وإن كان بعض العلماء يقول بذلك - لأنه سبق وأُذِّن للصلاة وأُدِّي هذا الفرض.

ومع أن الأذان والإقامة مشروعان وجاءت الأحاديث بتأكيدهما، فقد قال العلماء بصحة الصلاة التي لا يؤذَّن ولا يقام لها، ويستدلُّون على ذلك بما ورد عن الأسود وعلقمة صاحبا عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - أنهما دخلا عليه فصلى بهما من غير أذان ولا إقامة (٣)، وعبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - كما هو معروف - من أكابر الصحابة - رضي الله عنه -، وهو مَن قال: "ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولو أعلم أن أحدًا أعلم منِّي بكتاب الله تصل إليه أكباد الإبل لركبتها إليه" (٤)، وعليه ففعله ذلك ليس عن رأيه، وفيه دليل على أن صحَّة الصلاة.

لكن المشروع والمطلوب إنما هو تأدية الأذان والإقامة، وهذا قد يكون حجة لمالك؛ إذ يرى أنها واجبة على مسجد الجماعات دون غيرهم (٥).


(١) سبق بيانه.
(٢) مذهب الحنابلة: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ١٣٢) حيث قال: "ومن صلى بلا أذان ولا إقامة صحت صلاته".
(٣) أخرجه مسلم (٥٣٤).
(٤) أخرجه البخاري (٥٠٠٢)، ومسلم (٢٤٦٣).
(٥) سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>