للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِيهِ تَعْلِيمُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لِفِعْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: وَكَبِّرْ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِرَفْعِ يَدَيْهِ).

هذا ردٌّ عليه أن ذلك الحديث مقْتصر على الفرائض، والصحيح أنه مقتصر على بعض الفرائض لا كل الفرائض؛ فكيف نجعله حجة في عدم ثبوت رفع اليدين، مع أن القول في ذلك أنه سُنة؟

يقال لهم: احتجوا مع الذين يقولون بالوجوب، أمَّا أن تحتجوا به على الذين يقولون بسُنيته، فهذا احتجاج في غير محله، وقد وردت أحاديث كثيرة جدًّا في "الصحيحين" كلها تُثبت الرفع.

* قوله: (وَثَبَتَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ: "أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ" (١)، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي المَوَاضِعِ الَّتِي تُرْفَعُ فِيهَا، فَذَهَبَ أَهْلُ الكُوفَةِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسَائِرُ فُقَهَائِهِمْ (٢) إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ المُصَلِّي يَدَيْهِ إِلَّا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ فَقَطْ).

هؤلاء الذين كانوا يسمونهم بـ "مدرسة العراق"، حيث كان هناك مدرستان: "مدرسة الحجاز"، ويمثلها الإمام مالك، و"مدرسة العراق"، ويقال لها: "مدرسة أهل الرأي".

وسفيان الثوري من رواة الأحاديث، ومن الأئمة الذين لا يقل


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥) ومسلم (٣٩٠) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٤٠٨) حيث قال: "وقال إن كان ففي الإحرام وهو قول الكوفيين: أبي حنيفة وسفيان الثوري والحسن بن حي وسائر فقهاء الكوفة قديمًا وحديثًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>