ويسرا ولا تعسرا" (١)؛ فالمؤمن دائمًا يبشر بالخير، ولا ينفر الناس من طاعة اللَّه سبحانه وتعالى، ولا يأتي بالأسباب التي قد تنفر الناس، بل يدلهم على طريق اليسر؛ لأنه ربما لو دعَا الناس إلى ما فيه العسر لتثاقل العباد، وصعبت عليهم الأمور؛ فأدى ذلك إلى تقصيرهم فيها.
ووسطية الإسلام نعني بها أن الإسلام جاء وسطًا، لا غلُوَّ فيه ولا إفراط، ولا تفريط، كما أن الإسلام يقصد بالتيسير في هذه الشريعة، أي: أنها بُنِيَت علَى اليسر في الأصل، فلم تأتِ لتشق على الناس، وإنما تُكَلِّف الناس بما في وسعهم، ولذلك عندما يلحق المؤمن ضرر في أمر من الأمور، فإن هذه الشريعة تخفف عنه وتتجاوز.
ولا يدخل في هذا ما يتتبعه بعض الناس من البحث عن الرُّخَص في المذاهب، كأنْ تجد البعض يبحثون عن الفتاوى والأقوال الضعيفة والشاذة، ما دامت هذه الأقوال فيها تخفيف.
وعلى كل حال، المسألة هذه فيها كلام طويل، ولعلها تأتي مناسبة -إن شاء اللَّه- لنفصل القول فيها.
يشير المؤلف إلى حديث عبد اللَّه بن عمر، ولم يأتِ بلفظه، وإنما أورد معناه، وقد ورد في وضع اليدين على الركبتين، أو الفخذين عدة أحاديث، منها:
ما ثبت في "صحيح مسلم" من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا جلس أو قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته
(١) أخرجه البخاري (٣٠٣٨)، ومسلم (١٧٣٣) عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن قال: "يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا، وتطاوعَا ولا تختلفَا".