للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-أيضًا- في صلاة الفذ؛ أي: الفرد خلف الصف (١)، وهذه من المسائل الجوهرية التي يقع فيها المسلمون كثيرًا، وهي ليست من المسائل السهلة؛ لأنَّ الكلام فيها: هل تصح الصلاة أم لا؟

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا كانَا اثْنَيْنِ سِوَى الإِمَامِ؛ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُمَا يَقُومَان خَلْفَ الإِمَامِ (٢).

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (٣)، وَالكُوفِيُّونَ (٤): بَلْ يَقُومُ الإِمَامُ بَيْنَهُما. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ).

أمَّا حديث ابن مسعود فهذا مختلف فيه؛ رفعًا ووقفًا (٥).


(١) الفذ: "الفاء والذال كلمة واحدة تدل على انفراد وتفرق. من ذلك الفذ، وهو الفرد". انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (٤/ ٤٣٨).
(٢) سبق ذكر هذا. وهو مذهب الحنابلة، كما سبق.
(٣) الثابت عن الأحناف كما سبق أنهما إذا كانا اثنين فإن الإمام يتقدهما، وخالف أبو يوسف فقال بتوسط الإمام لهما.
قال القدوري: "ومن صلى مع واحد أقامه عن يمينه، فإن كان اثنين تقدم عليهما". انظر: "مختصر القدوري" (ص: ٢٩).
وذكر المرغيناني خلاف أبي يوسف، فقال: "وإن أَمَّ اثنين تَقَدَّم عليهما"، وعن أبي يوسف -رَحِمَهُ اللَّه- يتوسطهما، ونقل ذلك عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-. ولنا: أنه عليه الصلاة والسلام تقدم على أنس واليتيم حين صلى بهما، فهذا للأفضلية، والأثر دليل الإباحة". انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي".
(٤) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"، للقاضي عياض (٢/ ٦٣٦)، وفيه قال: "وقوله: "فصففتُ أنا واليتيمُ وراءه، والعجوزُ مِن ورائنا": حجة لكافة أهل العلم في أن هذا حكم الاثنين خلف الإمام، خلافًا لأبي حنيفة والكوفيين في قولهم: يكونان عن يمينه ويساره، وقد تقدم هذا".
وهو قول عند الحنابلة كما سبق.
(٥) قال ابن عبد البر: "وهذا الحديث لا يصحُّ رفعه، والصحيح عندهم فيه التوقيف على ابن مسعود أنه كذلك صلى بعلقمة والأسود، وحديث أنس أثبت عند أهل العلم بالنقل، واللَّه أعلم". انظر: "التمهيد" (١/ ٢٦٧).
وذكر الجويني عن الشافعي وجهًا آخر في الرد على حديث ابن مسعود، فقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>