للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلوب المنطق، وربما لا يدرك الإنسان إلا بإمعانٍ (١)، فلننتبه إلى ذلك، يريد أن يجعل خصوصًا وعمومًا؛ خصوصًا في الكلام من جانب، وعمومًا في كلام آخر، ويريد أن يربط هذه المسائل بعضها ببعض ويخصص بعضها ببعض، فلننتبه إلى ذلك.

وهناك أدلة قد جاءت بردِّ السلام وتشميت العاطس، وهناك أدلة أُخرى كالتي معنا تنهى عن الكلام وقت الخطبة، وهو وقت محدد، إذن الوقت هنا خاص والكلام الذي نهي عنه "قد لغوت" عامٌّ، إذن هنا خصوص في الوقت وعموم في الكلام، فالوقت خاص بوقت الخطبة؛ والعموم بالنسبة للكلام مطلقًا وعندما تنكر ذلك بالنسبة إلى ردِّ السلام وتشميت العاطس، تنعكس الصورة؛ فالوقت هناك عام والكلام خاص، فأيُّ العمومين نقدِّم؟ وأيُّ الخصوصين كذلك؟ (٢).

* قوله: (وَاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَثْنًى مِنْ صَاحِبِهِ، فَمَنِ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الأَمْرِ بِالصَّمْتِ يَوْمَ الجُمُعَةِ الأَمْرَ بِالسَّلَامِ وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ أَجَازَهُمَا).

نهي الإنسان أن يتكلم أثناء الخطبة في وقت معين، فهل نستثني من ذلك رد السلام فنكون قد استثنينا عمومًا من خصوص الوقت؟ أم لا؟

* قوله: (وَمَنِ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الأَمْرِ بِرَدِّ السَّلَامِ وَالتَّشْمِيتِ الأَمْرَ بِالصَّمْتِ فِي حِينِ الخُطْبَةِ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ).

الإنسان مأمور في كل الحالات أن يردَّ السلام، وأن يشمِّتَ العاطس، إلا في حالاتٍ خاصَّة جدًّا، لكن الغالب أن الإنسان إذا سُلِّمَ


(١) أمعن في الطلب، إذا بالغ في الاستقصاء. انظر: "المصباح المنير"، للفيومي (٢/ ٥٧٦).
(٢) ولذلك اختلفوا، فمن رأى أن الأمر برد السلام وتشميت العاطس عام استثناهما من النهي عن الكلام، ومن رأى أن الأمر بالإنصات عام أدخلهما فيه، كما سيُذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>