للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما جماهير العلماء فيقولون: إن الرواح -وإن أُطلِق في الأصل على ما بعد الزوال- لكنه أيضًا يُطلق ويراد به الذهاب فقط (١)، وهو المراد في هذا الحديث "مَن راح في الساعة الأولى"، أي: ذهب في الساعة الأولى. ثم بعد ذلك أيضًا يقولون في قوله: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى" فيقولون: غسل الجمعة يبدأ بطلوع الفجر؛ لأن اليوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق، وقد أشرنا قبل إلى الاختلاف فيه، وهناك من يرى أنه بعد طلوع الشمس، وحتى هذا القول الثاني لا ينطبق على رأي المالكية (٢).


= على المجاز، كما قالوا: "القافلة"، وهي لا تكون في ابتداء سيرها قافلة حتّى ترجع، فأطلقوا عليها في الابتداء اسم الانتهاء". انظر: "المسالك في شرح موطأ مالك"، (٢/ ٤٣٧، ٤٣٨).
(١) انظر: "حاشية الشربيني على الغرر البهية" (٢/ ٢٥)، وفيه قال: " (قوله: ثم راح)، أي: قاصدًا حضوره للصلاة، وإن لم يعرف معنى التكبير ق ل (قوله: اسم للخروج) المشهور أنه اسم للرجوع بعد الزوال فالفقهاء استعملوه في الذهاب، وفيما قبل الزوال بمجازين رشيدي (قوله: لأنه إلخ.) فهو مجاز مرسل علاقته السببية من باب إطلاق اسم المجاور للمسبب في الزمان الذي هو الذهاب بعد الزوال على السبب الذي هو الذهاب قبل الزوال". وانظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٢/ ١٧٠).
(٢) الذين قالوا بالغسل بعد الفجر -وهم الجمهور خلافًا للمالكية- هم مَن قالوا بجوازه بعد طلوع الشمس فكلٌّ عندهم جائز، إلا أنهم اختلفوا في الأفضل، فعند الأحناف الأفضل أن يكون قبل طلوع الشمس، وعند الشافعية والحنابلة الأفضل أن يكون عند الرواح قبل الزوال.
انظر في مذهب الأحناف: "حاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (١/ ١٦٩)، وفيه قال: "والغسل في الساعة الأولى أفضل وهي إلى طلوع الشمس، فربما يعسر مع ذلك بقاء الوضوء إلى وقت الصلاة ولا سيما في أطول الأيام، وإعادة الغسل أعسر - {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وربما أداه ذلك إلى أن يصلي حاقنًا وهو حرام، ويؤيده أيضًا ما في المعراج: لو اغتسل يوم الخميس أو ليلة الجمعة استن بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة اهـ".
وانظر في مذهب الشافعية: "الغرر البهية"، لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٥)، وفيه قال: "ووقته من الفجر كما علم من عطف استحبابه على تحريم السفر المقيد ببعد الفجر، فإن الأخبار علقته باليوم ويفارق غسل العيد حيث يجزئ قبل الفجر ببقاء أثره إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>