للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: "لَا يُصَلِّي الخَائِفُ إِلَّا إِلَى القِبْلَةِ" (١)، وَ"لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي حَالِ المُسَايَفَةِ" (٢). وَسَبَبُ الخِلَافِ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ هَذَا الفِعْلِ لِلْأُصُولِ).

أي: لأصول الصلاة؛ فإنَّ مَن صلى هذه الصلاة احتاج إلى الإخلال باستقبال القبلة والطمأنينة، وغير ذلك، فرأى أبو حنيفة أنه لا يُصلي على هذه الحال. وإذ قد ثبتت السُّنَّة بها، فلا تعويل على غيرها.

* قوله: (وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا جَائِزَةٌ، وَأَنَّ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّتَهَا أَحَبَّ).

ومنهم الإمام أحمد، وأصحابه كما قَدَّمنا.


= ويُنظر للشافعية: "نهاية المحتاج" للهيتمي (٣/ ١٣)، حيث قال: " (ويعذر في ترك القبلة) لحاجة القتال؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩]، قال ابن عمر: "مُستقبلي القبلة، وغير مستقبليها". قال الشافعى: رواه ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
ويُنظر للحنابلة: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٣٠٧)، حيث قال: "وإذا اشتد الخوف، أي: تواصل الطعن والضرب والكر والفر، ولم يمكن تفريق القوم وصلاتهم. . . (صلوا) إذا حضرت الصلاة وجوبًا، ولا يؤخرونها إلى الأمن (رجالًا وركبانًا، للقبلة وغيرها). . .، (ولا يلزم) مصليًّا إذن (افتتاحها)، أي: الصلاة (إليها)، أي: القبلة (ولو أمكن) المصلي ذلك كبقية الصلاة".
(١) بل إنَّ مذهب الإمام أبي حنيفة: (التفصيل)؛ فهو يُفَرِّق بين حضور العدو وانصرافه، يُنْظَر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي، حيث قال: " (فإن اشتد الخوف صَلَّوا رُكبانًا فُرادى بالإيماء إلى أيِّ جهة قَدروا)؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩]، والتوجه إلى القبلة يسقط للضرورة. . .، ولو شرعوا فيها والعدو حاضر ثم ذهب، لا يجوز لهم الانحراف عن القبلة؛ لزوال سبب الرخصة، وبعكسه لو شرعوا فيها، ثم حضر العدو - جاز لهم الانحراف في أوانه؛ لوجود الضرورة، واللَّه أعلم".
(٢) المسايفة: أن يلتقي القوم بأسيافهم، ويضرب بعضهم بعضًا بها، يقال: سايَفته فسفته أسيفه: إذا غلبته بالضرب بالسيف. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>