للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، هَلْ هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ؟ فَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى الوُجُوبِ، قَالَ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ؛ لأنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ تَوَضَّأَ قَطُّ إِلَّا مُرَتِّبًا، وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى النَّدْبِ قَالَ: إِنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ).

وَالكَلَامُ هاهنا يختصُّ بتَرْتيب الواجبَات من أفعال الوضوء، فالأئمة الأربعة انقسموا إلى فريقين في وجوب العمل بالترتيب الوارد في الآية بالنسبة لواجبات الوضوء:

الفريق الأول: الأحناف (١) والمالكية (٢): فهؤلاء على عدم وجوب الترتيب، ويروون هذا عن عليٍّ وابن مسعودٍ -رضي الله عنهما-.

الفريق الثاني: الشافعية (٣) والحنابلة (٤): وهؤلاء على وجوب العمل بالترتيب الوارد في الآية، ويروون هذا عن عثمان (٥) وابن عباس (٦) -رضي الله عنهم-،


(١) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (١/ ٢٨) حيث قال: "وهو سنة مؤكدة عندنا على الصحيح … ومنهم من بنى الخلاف على الاختلاف في معنى الواو، وليس بصحيح، فإن الصحيح عندنا وعنده كما هو قول الأكثر أن الواوَ لمطلق الجمع، ولا تفيد الترتيب، ومَنْ زعم من أئمتنا بأنها له لمسائل استدل بها، فقَدْ أجيب عنها في الأصول".
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٥٠) حيث قال: "والمشهور في المذهب أن الترتيب سنة".
(٣) يُنظر: "فتح الوهاب" لزكريا الأنصاري (١/ ١٦) حيث قال: "وَ (سَادسها)، أَيْ: سَادس فَرَائض الوضوء، ترتيبه هكَذا"، أي: كما ذكر من البداءة بالوجه، ثمَّ اليَدَين، ثم الرأس، ثم الرِّجلين للاتباع".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٨٣) حيث قال: " (والترتيب) بين الأعضاء المذكورة كما ذكر الله؛ لأنه تعالى أدخل الممسوح بين المغسولات، ولا يعلم لهذا فائدة غير الترتيب: والآية سيقت لبيان الواجب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- رتب الوضوء، وقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به"، ولأنه عبادة تبطل بالحدث، فكان الترتيب معتبرًا فيه".
(٥) أخرجه البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٢٦).
(٦) أخرجه البخاري (١٤٠)، ومسلم (٧٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>