وَمِنْهَا: كنَّا نُسلِّم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يَذْهبوا إلى النجاشي -كَمَا جَاءَ في بعض الرِّوايات- فلمَّا رجعوا من عنده سلموا، فلم يرد عليهم، وقال:"إنَّ فِي الصلاة لشُغلًا"، وسُلِّم عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك ولم يرد، وإنَّما كان يرد بالإشارة، والإشارة لا تبطل الصلاة؛ إنما الذي يبطل الصلاة هو الكلام، وليس هذا الكلام على إطلاقه، فقَدْ عرف ما يتعلَّق بذلك تفصيلًا.
أبو بكر بن المنذر - هُوَ إمامٌ جليلٌ، وهو منَ العلماء الذين عنوا بأقوال الأئمة، وأيضًا من العلماء الذين عنوا فيما يتعلَّق بنَقْل الإجمَاع، وكثيرًا ممن كتبوا بعده، أَخَذوا وتأثَّروا بكتبه، وله كتابه "الأوسط"، وله
(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٣/ ٢٥٣)، حيث قال: "وقال النعمان: لا يردُّ السلام، ولا أحب أن يشير. . فاستحبَّ خلاف ما سَنَّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأمته؛ لأن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سن للمصلي أن يرد السلام بإشارةٍ، وقَدْ سنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الإشارة في الصلاة في غير موضعٍ".