للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الصحيح أنَّه موقوف على عبد اللَّه بن عمر، وهذا هو المذهب الأحوط في هذه المسألة.

ولا ننسى أنَّ من أقوى أدلة الترتيب ما أوردناه سابقًا أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نسي عدَّة صلوات يوم الخندق، فقد ورد في بعض الأحاديث أنَّه فاتته الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والعلماء عندما يقولون: وفاتته العشاء؛ إنما قصدهم أنَّها تأخرت عن وقتها، وإلَّا فهي لم تفت في الواقع. وقد ورد أنَّ الذي فاتته صلاتان.

ولكن حديث جابر الذي أوردناه في قصة عمر، أو الحديث المتفق عليه نصٌّ في أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نسيَ صلاة العصر، وأنَّه لم يؤدِّها إلَّا بعد أن غربت الشمس، وأنَّه قدمها على صلاة المغرب، فدلَّ ذلك على تعيُّن الترتيب، عندما قال جابر: جاء عمر يوم الخندق فجعل يسبُّ كفار قريش؛ لأنَّهم حاصروا المؤمنين، وشغلوهم عن عبادتهم، ولذلك كانوا السبب المباشر في نسيان وترك تلك الصلاة، فجاء عمر لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعل يسبُّ كفَّار قريش وقال: يا رسول اللَّه ما كدت أن أصلي العصر حتى غربت الشمس. أي: كادت أن تغرب الشمس، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واللَّه ما صلَّيتها"، قال جابر: فقام فتوضأ وتوضأنا، ثم صلَّى العصر بعد المغرب، ثم صلَّى المغرب (١). وهذا فيه ترتيب، وهو نصٌّ في هذه المسألة، وهو حديث في "الصحيحين"، وقد كرره البخاريُّ في عدة مواضع، وأظنها خمسة أو ستة مواضع، وأيضًا أخرجه مسلم، وجاء في بعض السنن، وفي غيرها من كتب الحديث.


= ابن عمر هكذا، رواه عبيد اللَّه. ومالك عن نافع عن ابن عمر، انتهى. وقال البيهقي: وقد أسنده غير أبي إبراهيم الترجماني عن سعيد بن عبد الرحمن، فوقفه، وهو الصحيح، انتهى".
ويُنظر: "السنن الكبرى"، للبيهقي (٢/ ٣١٣). حيث قال: "تفرد أبو إبراهيم الترجماني برواية هذا الحديث مرفوعًا، والصحيح أنه من قول ابن عمر موقوفًا وهذا رواه غير أبي إبراهيم، عن سعيد". ويُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (٢/ ٥١٤).
(١) تقدَّم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>