للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي هريرة أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا سمِعْتُم الإقامةَ فامشوا إلى الصَّلاةِ وعليكم السَّكينة والوقار، ولا تُسرِعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا" (١).

وهذه المسألة سيأتي الكلام عليها: هل ما يدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاته أو آخرها.

* قوله: (وَالثَّالِثَةُ: مَتَى يَلْزَمُهُ حُكْمُ صَلَاةِ الإِمَامِ، وَمَتَّى لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ).

أي: متى يكون مدركًا لصلاة الجماعة؟ فهل يدركها بإدراك الركعة فقط كما جاء في الحديث، أو أنَّه يدركها -أي: فضل الجماعة- ولو بجزء يسير منها؟

الجواب: الحديث صريح في أنَّ مَن أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، ومفهومه أنَّ مَن أدرك أقلّ من ذلك فاتته فضيلة الجماعة، لكنَّه يكون مدركًا للصلاة.

وقد جاءت أحاديث أُخرى تبيِّن أنَّه يكتب له الأجر ولو فاته شيء من الأعمال؛ كمن كان مواظبًا على عمل صالح في حال صحته ثم مرض فلم يستطع القيام به، أو سافر، فإنَّه يكتب له ما كان يأخذه من الأجر وهو صحيح مقيمٌ (٢)، وخير دليل على ذلك ما ورد في غزوة تبوك حيث تخلَّف عددٌ من المسلمين عنها، ولم يكن تخلُّفهم رغبةً عن الجهاد، وإنَّما كانوا راغبين في الجهاد، مدركين معنى قول اللَّه -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. . . (١١١)} [التوبة: ١١١]، لكن حبسهم العذر، ولذلك بيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حالهم فقال: "إنَّ بالمدينة رجال ما


(١) أخرجه البخاري (٦٣٦).
(٢) معنى حديث أخرجه البخاري (٢٩٩٦)، عن أبي موسى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>