للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك جزئيةٌ أُخرى لم يعرض لها المؤلف، وبها وقع الخلاف بين الجمهور والحنفية؛ لأن الحنفية يقولون: لو أدرك أقلَّ من ركعة يكون مدركًا للجمعة، ولهم أدلةٌ ومقايساتٌ معروفة (١).

وحديث: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (٢)، هذا عام يشمل الجمعة وغيرها، لكن قال كثير من العلماء: هو يدرك الصلاة لكنه لا يدرك الجماعة؛ لأنه لم يدرك ركعة.

والجمهور استدلوا بعدة أدلة:

منها: الحديث المتفق عليه "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (٣) مفهوم هذا الحديث أن من لم يدرك ركعة لا يكون مدركا لها، فمن لم يدرك ركعة من الجمعة لم يكن مدركًا للجمعة؛ وعليه أن يأتي بها ظهرًا، فقد جاء النص في الجمعة في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أدرَكَ رَكْعَةً مِنَ الجمُعَةِ، فلْيُصَلِّ إليها أُخْرَى" (٤) لكن فيه كلام للعلماء، فمفهومه أن من لم يدرك ركعة من الجمعة لا يكون مدركًا لها.


= مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٥٦٧)، حيث قال: " (من أدرك) مع إمام الجمعة (ركوع) الركعة (الثانية) المحسوب للإمام لا كالمحدث ناسيًا كما مر وأتم الركعة معه (أدرك الجمعة) أي لم تفته".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ٣١٣ - ٣١٤)، حيث قال: " (ومن في وقتها) أي الجمعة (أحرم) بها (وأدرك مع الإمام منها ركعة) قال في شرحه: بسجدتيها (أتم جمعة) ".
(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٢/ ١٥٧)، حيث قال: " (قوله: ومن أدركها) أي الجمعة (قوله أو سجود سهو) ولو في تشهده (قوله على القول به فيها) أي على القول بفعله في الجمعة. والمختار عند المتأخرين أن لا يسجد للسهو في الجمعة والعيدين لتوهم الزيادة من الجهال كذا في السراج وغيره بحر وليس المراد عدم جوازه بل الأولى تركه كي لا يقع الناس في فتنة أبو السعود عن العزمية ومثله في الإيضاح لابن كمال (قوله يتمها جمعة) وهو مخير في القراءة إن شاء جهر وإن شاء خافت بحر".
(٢) أخرجه البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه ابن ماجه (١١٢١) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٩٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>