للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثٌ تُفْصل بسلامٍ، ومن قال بأنه ثلاث لا يُفْصل بينها بسلام، والكلام يحتاج إلى مزيد تحرير؛ فالأئمة مالك والشافعي وأحمد يرون أن الوتر واحدة، لكنه يُسْبق بركعتين (١)، وهم متفقون من حيث الجملة على أنه إذا صلى ركعتين يُسلم، ثم يتبعها بركعة ثالثة هي الوتر.

وأما أبو حنيفة، فقد انفرد، واستدل بحديث: "الوتر ثلاث كوتر النهار المغرب"، أي أن المغرب هي وتر النهار، فألحق أبو حنيفة بها الوترَ قياسًا (٢).

ويشهد لقول أبي حنيفة حديث آخر لم يذكره المؤلف، وهو أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ما كان يسلم في الوتر من ركعتين (٣)، ومفهوم هذا أنه يأتي بالثالثة ثم يُسلم.

وهذان الحديثان وإن لم يكونا في "الصحيحين"، ولا في أحدهما، لكن إسنادهما جيد (٤).

* قوله: (فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الوِتْرَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَصِيرًا إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ، فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ" (٥)).

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاة الليل مثنى مثنى"، يعني: اثنتين اثنتين "فإذا خشيتَ الصبح -وفي رواية: فإن خشيتَ أن يدركك الصبح- فأوتر بواحدةٍ، أو فصلِّ ركعةً" (٦)، هذا نصٌّ في أن الوتر يكون ركعةً.


(١) تقدَّم ذكر مذاهبهم في هذه المسألة.
(٢) تقدَّم ذكر مذهبه في هذه المسألة.
(٣) أخرجه النسائي (١٦٩٨) وغيره عن سعد بن هشام، أن عائشة حدثته، "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يُسلِّم في ركعتي الوتر"، وضعفه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٤٢١).
(٤) ليس كما ذَهَب الشارح أن إسنادهما جيد، فلكلٍّ منهما علة توجب ضعفه.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>