للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ" (١).

وذلك كما ورد في "الصَّحيحين" هكذا: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ والنَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: "قُمْ فَارْكَعْ" (٢).

وفي رواية: "إِذَا دخل أحدُكم المَسجد والإمام يخطب فَلْيَرْكَع رَكْعَتَيْنِ، وليَتَجَوَّز فيهما" (٣)؛ أي: يُخففهما.

فلا شك أن يوم الجمعة له مزايا عظيمة وفضائل جَمَّة:

ومن هذه الفضائل؛ أنَّ اللَّه سبحانه وتعالى جعله هداية وفضلًا منه سبحانه، أو جعله أثرًا من آثار الهداية، كما ثبت ذلك في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ القِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، المَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الخَلَائِقِ" (٤).

فلولا أنَّ اللَّه تعالى ادَّخر الجمعة لنا، لكان لنا يوم الإثنين، ولكن اللَّه عزَّ وجلَّ أبى إلا أن يَجعلنا الأولين في مَقام عبادته، وإن تأخر زماننا بعدهم، وهذا مما يُدَلِّل على أنه إذا أراد اللَّه أن يُقدم متأخرًا أو يؤخر مقدمًا - فَعَل به هكذا (٥).


(١) أخرجه البخاري (٩٣٠).
(٢) أخرجه البخاري (٩٣٠)، ومسلم (٨٧٥).
(٣) أخرجه مسلم (٨٧٥).
(٤) أخرجه مسلم (٨٥٦).
(٥) أخرجه مسلم (٨٥٥/ ٢٠) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَحن الآخِرون الأولون يوم القيامة، ونحن أَوَّلُ مَن بدخل الجنة، بَيْدَ أنَّهم أُوتوا الكتاب مِن قبلنا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>