للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالكٌ كذا، أحيانًا يسأل مالكًا، وأحيانًا يجيب هو، فجمع سحنون "المدونة" المعروفة، وهي مِن أشهر كتب المالكية، وهي بلا شك تَحوي كنزًا كبيرًا من الفقه، ومع أنها في الحقيقة تَختلف عن "المُغني" بالنسبة لنقل الأحاديث، لكنها -أيضًا- جمعت جُملةً من الأحاديث، وفيها -أيضًا- أقوالٌ رزينة، ويكفي أنها نُقلت في الغالب عن إمام دار الهجرة الإمام مالك -رضي اللَّه عنه-.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ النَّقْلِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَان عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً" (١). وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ بِالمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يُصَلُّونَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ" (٢). وَذَكَرَ ابْنُ القَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: "أَنَّهُ الأَمْرُ القَدِيمُ"، يَعْنِي: القِيَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً) (٣).

ولكن العلماء تكلموا في طريق هذه الرواية، وقالوا: "إنَّه من طريق صالح مولى التوءمة، وهو غير معروف" (٤)، أمَّا القول الآخر الذي قال العلماء بأنها عشرون ركعة، فهذا أدلته معروفة ومشهورة، ولا تحتاج إلى بيان.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١١٥) (٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/ ١٦٣).
(٣) يُنْظَر: "المدونة" لابن القاسم (١/ ٢٨٧)، حيث قال: "قال مالك: بَعَثَ إليَّ الأميرُ وأراد أن ينقص من قيام رمضان الذي كان يقومه الناس بالمدينة، قال ابن القاسم: وهو تِسعة وثلاثون ركعة بالوتر؛ ست وثلاثون ركعة، والوتر ثلاث، قال مالك: فنهيتُه أن ينقص من ذلك شيئًا، وقلت له: هذا ما أدركتُ الناس عليه، وهذا الأمر القديم الذي لم تَزَل الناس عليه".
(٤) اختلف العلماء فيه: قال ابنُ عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (٥/ ٨٤): "سمعتُ ابنَ حَمَّاد يقول: قال السعدي: صالح مَولى التَّوءمة تَغَيَّر آخرًا، فحديث ابن أبي ذئب عنه مقبول؛ لِسِنِّه ولسماعه القديم عنه".
(قلت): وهذه رواية ابن أبي ذئب عنه، كما في "مختصر قيام الليل" للمَرْوَزِي (ص ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>