(١) يُنظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (١/ ٣٦٠)، حيث قوله: "فكانت هذه السجدة التي في حم مما قد اتفق عليه، واختلف في موضعها. وما ذكرنا قبل هذا من السجود في السور الأخر، فقد اتفقوا عليها وعلى مواضعها التي ذكرناها، وكان موضع كل سجدة منها، فهو موضع إخبار، وليس بموضع أمر، وقد رأينا السجود مذكورًا في مواضع أمر، منها قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي} [آل عمران: ٤٣] ومنها قوله: {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: ٩٨] فكل قد اتفق أن لا سجود في شيء من ذلك. فالنظر على ذلك، أن يكون كل موضع مما اختلف فيه، هل فيه سجود أم لا؟ أن ننظر فيه، فإن كان موضع أمر، فإنما هو تعليم، فلا سجود فيه. وكل موضع فيه خبر عن السجود، فهو موضع سجود التلاوة، فكان الموضع الذي اختلف فيه، من سورة النجم. فقوله قوم: هو سجود التلاوة، وقوله آخرون: هو ليس موضع سجدة تلاوة، وهو قوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)} [النجم: ٦٢] فذلك أمر وليس بخبر فكان النظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود التلاوة، وكان الموضع الذي اختلف فيه أيضًا من اقرأ باسم ربك هو قوله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} [العلق: ١٩] فذلك أمر وليس بخبر. فالنظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود تلاوة. وكان الموضع الذي اختلف فيه من {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} هو موضع سجود أو لا هو قوله: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} [الانشقاق: ٢٠ - ٢١] فذلك موضع إخبار لا موضع أمر. [ص: ٣٦١] فالنظر على ما ذكرنا أن يكون موضع سجود التلاوة، ويكون كل شيء من السجود يرد إلى ما ذكرنا. فما كان منه أمرا رد إلى شكله مما ذكرنا فلم يكن فيه سجود، وما كان منه خبرا رد إلى شكله من الأخبار، فكان فيه سجود. فهذا هو النظر في هذا الباب".