للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُسْلِ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُقْتَلْ فِي مُعْتَرَكِ حَرْبِ الْكُفَّارِ (١)).

يَعْني: المسلم الذي لم يدخل مَعركةً من المعارك، فإن هذا يُغَسَّل ويُصلَّى عليه، وهذا ليس محلَّ خلاف بين العلماء، وأمثلة ذلك كثيرة، وأدلَّته أشهر من أن تُذكَر.

(وَاخْتَلَفُوا فِي غُسْلِ الشَّهِيدِ، وَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَفِي غُسْلِ الْمُشْرِكِ).

إذًا، المؤلف تكلم عن غسل الشهيد، وعن الصلاة عليه، وعن المُشْرِك.

وَسبب تَعرُّض المؤلف لذلك ربما يكون ما ورَد في قصة أبي طالب، فإنه لما مات وأخبَرَ ابنه عليٌّ -رضي اللَّه عنه- رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بموت عمه، وأنه قال: "المُشْرك"، وفي بعضها: "عمك الضال"، ووجهه الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مُوَاراته، وأمره ألا يُحدِثَ حَدَثًا حتى يعود إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره بعد المُواراةِ أن يغتَسِلَ (٢).

(فَأَمَّا الشَّهِيدُ - أَعْنِي: الَّذِي قَتَلَهُ فِي المُعْتَرَكِ المُشْرِكُونَ).

لا شك أن هذه أعظم الشهادات، إنسان يجاهد بنفسه وماله في سبيل اللَّه، كما كان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- يتسابقون، يعني: كانوا يحبون الموت في سبيل اللَّه كما كنا نحب الحياة.

ولذلك، مضى أن نعرض لمثل ذلك أيضًا، يوجد من بعض المرضى -هداهم اللَّه- أو حتى من بعض الأصحَّاء إذا ضاقت أمامهم السُّبُل، وربما قَلَّ في يَدِهم العيش؛ فإنك تجدُ أحدَهم يتضَجَّر ويتمنَّى الموت،


(١) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: ٣٤)؛ حيث قال: "وَاتَّفَقُوا على أَن غسله وَالصَّلَاة عَلَيْهِ إن كَانَ بَالغًا وتكفينه، مَا لم يكن شَهِيدًا أَو مقتولًا ظلمًا فِي قصاصِ فَرْضٍ".
(٢) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>