في أخيه المسلم؛ لأن هذا الميت ربما كان يعتبر ذلك سرًّا لا يريد نشرَه، فيأتي هذا فينشره.
لَكن لَوْ رأيتَ من محاسن الميت وبعض فضائله، فهذا أمر طيِّب أن تنشرَه أيضًا؛ لأن في ذلك ذكرًا حسنًا له، وحتى يكون قدوةً لغيره، ويستفيد من هذا الرجل الذي كان صالحًا في حياته.
من هنا اختلَف العُلَمَاءُ، إذا مات المَيِّتُ هل تُنزَع عنه ثِيابُهُ أو يُغَسل في قميصه؟
بَعْضهم قال: يُغَسل في قميصه ليبقى بدنُهُ محفوظًا، ويُصَب عليه المَاء، ويفرك من فوق الثياب. وبعضهم قال: لا تنزع عنه ثيابه.
والَّذين قالوا: تنزع عنه ثيابه أيضًا اختلفوا اختلافًا يسيرًا، بعضهم قال: يُغَطى. وبَعْضهم قال: تُستَر عورته من السُّرة إلى الرُّكبة، وغير ذلك من الأمور.
وجُمْهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد) يرون أنه يُستحَبُّ أن يُنزَع عن الميتِ ثيابُه، وأن يُغسل وهو أيضًا محفوظ العورة أي: يكون مستور العورة من السُّرة إلى الرُّكبَة، هذا هو مذهب جماهير العلماء.
وذهب الإمام الشافعي إلى أنه يُغسل في قميصه.
وقد أشار المؤلف إلى حديثٍ في هذه المسألة، فقد ورد أثرٌ في ذلك أن الصحابة غَسَّلوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتَردَّدوا في ذلك الأمر، أيُجَرِّدونه من ثيابه -عليه الصلاة والسلام- كما يُجرَّد سائر الموتى أو يَغسلونه وعليه ثيابه، فألقى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم النوم، وفي روايةٍ: ألقى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم النُّعَاس حتى أصبحت أذقانهم تَنْزِلُ على صدورهم، يعني: أخذهم النوم، ثم سُمِعَ من الداخل منادٍ ينادي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تُنزَع عنه ثيابه، وإنما يُغَسَّل بها، فغسلوا النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بثيابِهِ، فكانوا يصبون عليه الماءَ، ويَفْرُكُونَ جسده -عليه الصلاة والسلام-.
جاءَ في آخر ذلك الأثَر قول عائشة:"وايمُ اللَّهِ، لو اسْتَقبلتُ من أمري ما استَدْبَرْتُ لما غسَّل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا نِسَاؤهُ".