للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن ما هو الواجب؟ هل الواجب غسله واحدةً أو أكثَر؟

من العلماء مَنْ رأى أن الواجبَ في غُسل الميت هو غَسْلَةٌ واحدة كالحال بالنسبة لغسل الحائض، وكذلك أيضًا الجُنُب، فالجُنُب إنما عليه أن يَغسل جسده مرةً واحدةً، وكذلك أيضًا المرأة الحائض إنْ أرادت أن تتطهَّر، لكن الأفضل أن تضيفَ إليها ثانيةً، وإنْ أضافت ثالثةً، فَهو أفضل.

والواجب في الوضوء إنما هو مرة واحدة، والاثنتان أفضل، والثلاث أفضل؛ لأن الاثنتين فيها زيادة احتياط، والثلاث أكثر من ذلك، وفيه أيضًا مُبَالغة في الوضوء، إذًا العُلَماء بعضهم رأى أنَّ الواجب واحدة، وكلٌّ مجتمعون أن الأَوْلَى في ذلك الوتر.

(فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحْسَنَهُ وَاسْتَحَبَّهُ، وَالَّذِينَ أَوْجَبُوا التَّوْقِيتَ مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْوِتْرَ، أَيَّ وِتْرٍ كَانَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ (١)).

ابْن سيرينَ من التابعين، إمامٌ معروفٌ، عُرِفَ واشتهر بتعبيرِ الرُّؤيا.

(وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الثَّلاثَةَ فَقَطْ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)).

كلمة المؤلف: (ومنهم مَنْ أوجب الثلاثة فقط وهو أبو حنيفة)، هذه لا أعرفها، هي في روايةٍ، لكن المعروف الواجب هي غسله واحدة، وما بقي بعد ذلك يختلفون في أفضليته.

(وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّ أَقَلَّ الْوِتْرِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَنْقُصُ عَنِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَحُدَّ الأَكْثَرَ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ (٣)، وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّ الأَكْثَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٣٣٣)؛ حيث قال: "وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يُغْسَلُ وِتْرًا".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (٢/ ١٩٧)؛ حيث قال: " (ويصب عليه الماء عند كل اضطجاع ثلاث مرات) لما مر (وإن زاد عليها أو نقص جاز) إذ الواجب مرة".
(٣) يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٣٢٠)؛ حيث قال: "قال الشافعي -رحمه اللَّه تعالى-: أقل ما يجزئ من غسل الميت الإنقاء كما يكون أقل ما يجزئ في الجنابة، وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثًا فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس، فإن لم يبلغ ما =

<<  <  ج: ص:  >  >>