للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- ذكر لنا أصنافًا خمسةً كما جاء في حديثه، قال: "كنَّا نُخْرج زكاة الفطر" (١) وفي رواية: "وفينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: صاعًا من طعامٍ أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من أقطٍ أو صاعًا من زبيب" (٢)، وفي بعض الرِّوايات قُدِّم الزبيب على الأقط (٣).

هذه أمورٌ خمسةٌ وَرَد النَّصُّ فيها، فهَلْ وُجُوبُ زكاة الفطر فيها لعينها أو لأنها أقوات معروفةٌ؟ ترتب على هذه المسألة خلافٌ بين العلماء، والآن هناك أقوات متعددة بعضها كان موجودًا في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكنه لم يكن في المدينة، فهناك الذرة موجودة، كذلك الآن وُجِدَ الأرز، واشتهر وأصبح من أشهر القوت المعروف، بل أصبح الآن من أغلب قوت البلاد، أو في كثيرٍ من البلَاد.

إذًا، هل العلة هنا فِي أنَّ الزكاة تجب في هذه الأنواع نفسها؟ على القول بأنه لا يجوز العدول عنها إلا عند عدم وجودها، يعني: إذا لم يجد الإنسان برًّا أو تمرًا أو شعيرًا أو زبيبًا حِينَئذٍ ينتقل إلى غيره كالأرز والذرة، وكذلك أيضًا غيرها مما يدخل في الأقوات أيضًا، ويختلفون أيضًا في الدقيق، والخبزُ الخلافُ فيه أكثر، وان كان الدقيق هو من القمح.

هَذِهِ أُمُورٌ نصَّ عليها، فهل نقف عند مَوْرد النَّصِّ فلا نتجاوزه، فنقول: لا تُخْرج الزكاة إلا من هذه الأنواع الخمسة، أو أننا نأخذ بكلمة قوت؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَشْرط في ذلك شرطًا، وإنما جاء في الأثر: "كنا نُخرج زكاة الفطر وفينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صاعًا من طعام"، بعضهم فسره بالقمح كما سيأتي، وذكر التمر والشعير والزبيب والأقط، ولم يقل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا يجوز من غير ذلك" أو قال: "يُقْتصر عليها"، إنما ذكر هذه الأقوات؛ لأنها هي المعروفة المشهورة عندهم، فهل معنى ذلك أن


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>