للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأخرى: الانتقال إلى غير هذه الأصناف الخمسة، هل هو مُقيَّدٌ بعدَم وجودها، أَوْ يجوز أن ننتقل مثلًا إلى الأرز مع وجود هذه الخمسة؟ هذا كلُّه يَدْخل مبنى الخلاف.

* قوله: (أَوْ قُوتُ المُكَلَّفِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قُوتِ البَلَدِ).

وَهَذا في نظري هو الأقرب لروح الشريعة، فنحن عندما ننظر إلى شريعتنا الخالدة الغرة التي بُنيَت على أُسسٍ منها: العدالة، ومُرَاعاة مصالح الناس، ومُراعاة التيسير على الناس، لا شك أن في ملاحظة القوت فيه تيسيرًا على الناس، وأيضًا تطبيقٌ للركن الآخر من مقاصد هذه الشريعة: مُرَاعاة مصَالح الناس.

فَبَعْضُ الناس لو أعطيته الأقط ربما لا يأكله أو لا يعرفه؛ لأن هذا مُشْتهرٌ في البادية، حتى إنَّ بعض العلماء يرَى أن الأقط يختصُّ بالبادية، يقول: الأقطُ تُخْرجه البادية، لكن الصحيح أنه عامٌّ تُخرجه البادية وغيرها (١).

والأقط هو هذا الذي يُخْرج من اللبن المخيض، ويُطْبخ هذا النوع من اللبن، ثم يُجفَّف، فيُخرج منه الأقط، وهو الآن أصبح معروفًا مشهورًا.

إذًا، مُرَاعاة قوت البلد مُرَاعاةٌ تلتقي مع روح الشريعة الإسلامية، ومع شُمُولها، ومع مقاصدها العظيمة؛ لأنك إذا راعيتَ قوت البلد،


= السلت ثم الشعير ثم الذرة ثم الأرز ثم الحمص ثم الماش ثم العدس ثم الفول ثم التمر ثم الزبيب ثم الأقط ثم اللبن ثم الجبن غير منزوع الزبد، ثم أجزأ كل من هذه لمَنْ هو قوته".
(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (٦/ ١٣١): "ثمَّ المذهب الذي قطع به الجماهير أنه لا فرقَ في إجزاء الأقط بين أهل البادية والحضر. وقال الماوردي: الخلاف في أهل البادية، وأما أهل الحضر فلا يُجْزئهم قولًا واحدًا، وَإِنْ كان قوتهم، وهذا الذي قاله شاذ فاسد مردود، وحديث أبي سعيد صريح في إبطاله وإن كان قد تأوله على أنه كان في البادية، وهذا تأويل باطل، واللَّه أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>